سلايدرقضايا المجتمع

نهب الآثار في درعا.. عملية تنفذها كل الأطراف

تحاول الميليشيات الإيرانية وميليشيا “حزب الله” التغلغلَ في محافظة درعا، على مستويات عدة، بمساعدة مباشرة من المخابرات الجوية، حيث لم تعد تقتصر ممارساتها على محاولة تجنيد الشبان أو شراء العقارات، بل تعدت ذلك إلى التنقيب عن الآثار ونهبها بشكل منهجي، من دون أي رادع.

عمليات تنقيب كبيرة بدأت منذ تموز/ يوليو الماضي، بعد سيطرة النظام على المحافظة، باستخدام معدات حديثة وآليات ثقيلة، مع وجود العديد من الذرائع للتغطية عليها، خاصة بوجود القوات الروسية التي باتت تشكل عائقًا في وجه الوجود الإيراني، امتثالًا للاتفاق الذي نص على ابتعاد هذه القوات مسافة لا تقل عن 40 كم، من الحدود الجنوبية لسورية.

وتتركز عمليات التنقيب في منطقتي الجيدور شمالي درعا، وهي تضم كلًا من مدن (إنخل وجاسم والحارّة)، ومنطقة حوض اليرموك. وتعدّ هذه المناطق غنية بالآثار، ككل مناطق المحافظة وخاصة بصرى الشام، التي تعرّض قسم كثير من الآثار الموجودة في متحفها للنهب من قبل عناصر تابعة لميليشيا لـ “حزب الله”، قبل سيطرة فصائل المعارضة المسلحة عليها عام 2015.

يقول أحمد يامن، ناشط حقوقي من درعا لـ (جيرون): “إن عمليات الحفر والتنقيب تتم في منطقة (الجيدور) بمساعدة قيادات سابقة في المعارضة المسلحة، وباتوا يتبعون لميليشيا (حزب الله). ففي مدينة إنخل، يتزعم المدعو (غ.ع) من ألوية (مجاهدي حوران)، مجموعة تعمل لصالح ميليشيا (حزب الله) بالتعاون مع مجموعة أخرى في مدينة داعل”. مؤكدًا أنه “في الأول من نيسان/ أبريل الجاري، تم تهريب كمية من الآثار والعملة الذهبية التي تعود إلى العصر الروماني، من مدينة إنخل، عثرت عليها قوات المخابرات الجوية، مدّعية حينذاك عثورها على مستودعات سلاح تابعة للمعارضة في المدينة”.

أما في مدينة جاسم، فأكد يامن “أن كلًا من (ك.ع) وهو قيادي سابق في (ألوية قاسيون)، و(ت.ح) قيادي سابق في (جيش الأبابيل)، يعملان لصالح ميليشيا (حزب الله)، في تجنيد الشبان المقاتلين، وفي عمليات التنقيب عن الآثار”.

وأشار يامن إلى “أن هناك معدات حديثة جُلبت مؤخرًا، كي يتم استعمالها للكشف عن الآثار المدفونة، وهي تختلف عما يعرفه الناس من أجهزة يدوية. وقد شوهدت سيارات في مواقع تم الحفر فيها، تحمل رادارات متوسطة الحجم، تقوم بالكشف عن كل المعادن الموجودة ضمن نطاق معين”.

أما في منطقة حوض اليرموك، فلم يكن التنقيب فيها أمرًا جديدًا، حيث سبق أن قام جيش (خالد بن الوليد) المبايع لتنظيم (داعش) سابقًا، بالبحث عن الآثار في المنطقة. وحسب معلومات خاصة حصلت عليها (جيرون)، تمكن (جيش خالد) من العثور على العديد من العملات الذهبية، التي كان يبيعها لتجار خارج منطقة الحوض، ليقوم باستخدام عائداتها من الأموال في التسليح ودفع رواتب العناصر. وكانت عمليات التهريب تتم عبر حواجز تابعة لبعض فصائل المعارضة آنذاك، مقابل مبالغ مالية.

حاول النظام، بعد السيطرة على المنطقة، استكمال عمليات التنقيب في منطقة الحوض، ويقول محمد أمين، من أبناء المنطقة حول هذا الأمر، لـ (جيرون): إن “النظام تمكن، في بداية سيطرة قواته، من العثور على بعض القبور التي تحوي كميات بسيطة من العملات الذهبية القديمة، في الوقت الذي كانت المنطقة تقع تحت سيطرة (قوات الغيث) التابعة للفرقة الرابعة والمخابرات الجوية”.

وأضاف أمين أن “هذه العمليات توقفت قبل نحو شهرين، بعد تمكن الأمن العسكري، بمساعدة فصائل معارضة سابقة، من السيطرة على المنطقة وإخراج الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية بأوامر روسية. ولكن قبل أسبوع، حاولت حافلات ترافقها آليات حفر ثقيلة دخول المنطقة بمساعدة المخابرات الجوية، على أنهم عناصر يتبعون للفرقة السابعة التابعة لجيش النظام، ولكن تبيّن أنهم عناصر من ميليشيا (حزب الله)، وقد تمّ التعرف إليهم، من خلال لهجتهم اللبنانية. إلا أن عناصر تابعين لفصائل (أحرار الشام، جيش الثورة، ولواء الحرمين) ممن قاموا بعمليات تسوية ويتبعون حاليًا للأمن العسكري، قاموا بالتصدي لهم”.

وأشار أمين إلى “وجود العديد من المقابر القديمة التي تعود إلى العهد الروماني والعثماني، والعديد من المنازل الرومانية، في منطقة (جملة) ومحيطها، وقد تم التنقيب عن الكثير منها، إبان سيطرة (جيش خالد) على المنطقة”.

يذكر أن محافظة درعا تحتوي على كثير من المناطق الأثرية التي تعود لحضارات مختلفة، وقد تعرض قسم كبير منها للنهب، في السنوات الماضية، من قِبل قوات النظام وبعض فصائل المعارضة، وأخيرًا الميليشيات الإيرانية، بعد سيطرة النظام على المحافظة قبل عدة أشهر.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق