أعاد اعتقال وليام أسانج المبرمج الأسترالي، ومؤسس موقع (ويكيليكس) للتسريبات منذ عدة أيام، في العاصمة البريطانية لندن، العديد من الملفات إلى الواجهة، وسلط الضوء على علاقته المثيرة للشكوك والجدل بالعديد من الأنظمة الاستبدادية، ومنها نظام بشار الأسد.
أسانج الذي نشر، عبر موقعه (ويكيليس)، الكثير من الوثائق التي شكلت حرجًا لحكومات دول عدة، ظل موقفه من نظام الأسد، على مدار السنوات الثمانية الماضية، غير واضح ومثيرًا للشك. ففي سنة 2012، أي بعد انطلاق الثورة السورية بعام واحد تقريبًا، نشر أسانج أرشيفًا إلكترونيًا، أطلق عليه اسم (ملفات سورية) تضمن أكثر من مليوني بريد إلكتروني لشخصيات سياسية، ووزارات وشركات، يمتد تاريخها من آب/ اغسطس 2006 حتى آذار/ مارس 2012.
وعلى الرغم من تصاعد العنف المرتكب من قبل النظام بحق الشعب السوري، لم يقم أسانج بانتقاد الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبها بشار الأسد، بالتعاون مع القوات الروسية التي تقاتل إلى جانبه. ووصف أسانج، في بيان له، الرسائل المنشورة بأنها “محرجة” للنظام السوري، ولكنها في الوقت نفسه “محرجة لخصومه أيضًا”، من دون أن يحددهم، الأمر الذي جعل كثيرين يعتقدون بأن أسانج يريد النيل من حكومات معينة معارضة لوجود الأسد، وليس انتقاده وفضح ممارسته وحسب، مستدلين على ذلك بعلاقة أسانج الوطيدة بموسكو، حيث كان دائم الحضور في خطاباتها، وله نافذة حوارية أسبوعية، في قناة (روسيا اليوم).

ونقلت وكالة (سبوتنيك) الروسية عن أسانج، عام 2016، أن “موجات النزوح الجماعي من سورية، هي جزء من استراتيجية الولايات المتحدة ضد النظام السوري، لأن إخلاء البلد من سكانها سيوصلها إلى حافة الانهيار”، دون الإشارة إلى المتسبب الأساس في موجات النزوح هذه، وهو نظام بشار الأسد.
ومع تصاعد العنف في سورية سنة 2013، زار جون شيبتون (والد أسانج) دمشق ضمن وفد أسترالي، والتقى ببشار الأسد، في زيارة تم الترويج لها على أنها “تضامنية” مع الشعب السوري، ما أثار موجة استياء كبيرة، في الأوساط السياسية والرأي العام الأسترالي، ووصفها رئيس حزب العمل الأسترالي “بالمبادرة غير المسؤولة”، ما دفع أسانج إلى النأي بنفسه عن هذه الزيارة، مدعيًا -عبر بيان على موقعه- بأنه لم يكن على علم بها ولا يؤيدها.
فهل كان موقع (ويكيليكس) منبرًا للصحافة الحرة، وتعزيز حرية التعبير لدى الشعوب، بعيدًا من سياسات الحجب وإجراءات المنع التي تمارسها الحكومات والأنظمة؟ أم أنه وسيلة لدعم أنظمة معينة وتلميع صورتها بشكل مبطن!