فتحت صحيفة (الأخبار) ذراع الحرس الثوري الإيراني الناعمة في لبنان، النارَ على الحكومة المصرية “نظام السيسي”، محملةً إياها مسؤولية النقص الكبير في موارد الطاقة في السوق السورية التي تشهد ضعفًا كبيرًا، في تلبية احتياجات السوق من حوامل الطاقة “بنزين وغاز ومازوت”.
وكانت وزارة النفط السورية قد رمت تهمة صناعة أزمة البنزين الأسبوع الماضي، على موقع “هاشتاغ سوريا” الذي بث خبرًا عن دراسة لحكومة عماد خميس لرفع أسعار الوقود، ونزل وزير النفط السوري يوم العطلة الرسمية إلى كازيات مؤسسة (محروقات)، للرد على هجوم المستهلكين على ما تبقى من مخزون في الكازيات، بينما كانت مستودعات عدرا والدوير مغلقة، نتيجة نزول المخزون إلى الحدود الدنيا، وسط حركة طلب أعظمي سببها استمرار موجة البرد والنقص الواضح في المخزون، وانعدام الثقة بقدرة الحكومة السورية طبقًا لسياساتها الراهنة على تأمين الطلب.
إيران التي أوقفت خطها الائتماني الممول لتوريد الطاقة لسورية، قبل أكثر من ستة أشهر إثر الضغوط الكبيرة لأجنحة في الحرس الثوري الإيراني على حكومة طهران، من مغبّة الاستمرار في تزويد الحكومة السورية بالدولارات والطاقة التي يتم تهريبها إلى خزائن الفساد في سورية، وقال المفاوض الإيراني خلال مباحثاته في دمشق علنًا: “إن البضائع في دمشق أكثر تنوعًا من طهران، وإن طهران تنفق على أسواق دمشق أكثر مما تنفق على أسواق طهران”.
لماذا إذًا تُوجه أجهزة الإعلام الممولة من الحرس الثوري الإيراني الأنظارَ إلى مصر وجهات أخرى، في قضية أزمة المحروقات التي تشهدها السوق السورية، فالحكومة المصرية تقف علنًا إلى جانب استمرار الأسد في السلطة، والحكومة المصرية “السيسي” أظهرت ترحيبًا وتعاونًا متواصلين مع القناة الأمنية التي يديرها اللواء علي مملوك، والحكومة المصرية رعت اتفاق القاهرة الذي تم بموجبه إخراج الغوطة الشرقية وإخراج ريف حمص الشمالي من دائرة نفوذ المعارضة، وكانت ضمانات حكومة السيسي أحد أهم مرتكزات تمرير الاتفاق الذي لم يسمح بموجبه حتى لقناة (الميادين) الذراع التلفزيونية للحرس الثوري الإيراني، بدخول الغوطة الشرقية، فردت إيران بفرض حصار متواصل على سكان الغوطة الشرقية، ما يزال ساري المفعول حتى اللحظة، إذ لا يستطيع أبناء الغوطة الخروج والدخول إلى مساكنهم إلا بإعلام مسبق. كما ساهمت الحكومة المصرية “السيسي” في إرسال ضباط استطلاعها إلى الشمال السوري، في إطار خطة نشر قوات عربية على الحدود السورية التركية.
فلماذا تعمل إيران على توجيه النار باتجاه مصر في الحصار الغربي على سورية، طالما أن الحصار أميركي بالدرجة الأولى وأوروبي بالدرجة الثانية، وهو حصار مُعلن مسبقًا، وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) قد قام في منتصف آذار/ مارس الماضي، بتحديث تحذيره إلى هيئات شحن البترول البحري، مسلطًا الضوء على المخاطر المرتبطة بنقل شحنات النفط إلى سورية.
وأتى التحذير الأميركي الجديد مستكملًا التحذير السابق الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، الذي شمل مبادئ توجيهية إضافية، وهو يبيّن المخاطر المرتبطة بتسهيل شحن النفط المتجهة إلى الموانئ التي تملكها وتديرها الحكومة السورية، لتشمل النفط من أصل إيراني.
أضاف التحذير العشرات من الناقلات الجديدة المشاركة في شحنات النفط غير المشروعة، بما في ذلك 16 ناقلة تشحن النفط إلى سورية، وأكثر من 30 تشارك في عمليات النقل من سفينة إلى سفينة، وسلّط الضوء على المخاوف بشحنات النفط من إيران.
وقال سيجال ماندلكر، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية: “سبق أن كشفت وزارة الخزانة عن شبكة تنقل النفط لدعم الإرهاب تضمّ إيران وسورية، وتواصل الوزارة استهداف السفن والشركات التي تسهل التجارة غير المشروعة.
وأضاف وكيل الخزانة الأميركية: “لقد أوضحت الولايات المتحدة لهيئات الشحن البحري أننا لن نتسامح مع استخدام البترول كآلية لتمويل الأنظمة المارقة في إيران وسورية، وما دامت تُحاول إيران وسورية تكييف تكتيكاتهما غير المشروعة والتحوّل إلى سفن جديدة؛ سنواصل تقديم هذه التحذيرات المحدّثة إلى مجتمع الشحن البحري”.
وأضاف: “يجب على شركات الشحن وشركات التأمين ومالكي السفن والمديرين والعاملين فيها أن يقفوا بقوّة في وجه الممارسات الخادعة والمستمرة التي تقوم بها إيران وسورية، وغيرها من الدول السلطات الأخرى المشكوك فيها، من أجل عمليات الشحن، علمًا أن أيّ انتهاك للحظر أو نقص في الامتثال يؤدّي إلى سلوك معاقب عليه، سوف يعرّض مجتمع الشحن لمخاطر كبيرة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة”.
إن التحذير الجديد المكرّر يشتمل على إضافات رئيسية، في ملحقه الذي يفصّل ثبتًا بالسفن التي قامت بنقل النفط إلى سورية منذ عام 2016. كما يشمل الملحق أيضًا السفن التي شاركت في عمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة أخرى، يغلب أن تكون وجهتها سورية، وكذلك السفن التي قامت بنقل صادرات النفط السوري، كما تمّ تحديث العديد من أسماء السفن لتعكس تغييرات الاسم.
محاولة إعلام الحرس الثوري الإيراني توجيه العداء باتجاه مصر هي محاولة لوقف وعي السوريين بمخاطر بقاء القوات الإيرانية والحرس الثوري على الأراضي السورية، هذه القوات التي تسببت في أكثر من 100 هجوم إسرائيلي على الأراضي السورية، ويحاول الحرس الثوري الإيراني جعل الأراضي السورية مسرحًا للمواجهة الأميركية الإيرانية، بعيدًا من الأراضي الإيرانية، لذلك يحاول إعلامه سد بوابة الخروج المصرية المتاحة للنظام باتجاه العرب والغرب.
فهل تنجح إيران في إبقاء سورية أرضًا لصراعها مع الولايات المتحدة، وتجنيب الإيرانيين الحرب المباشرة؟