أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأربعاء، وقف الحدِّ من مخزون البلاد من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب، بعد أن تعهد النظام الإيراني سابقًا، بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بالحدَّ من برنامجه النووي، وتزامن ذلك مع تحذير الرئيس حسن روحاني، في رسائل وجهها إلى زعماء القوى العالمية الخمس (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا)، من “رد صارم” إذا أُحيل الملف النووي مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، وقال إنّ بلاده مستعدة للمفاوضات النووية.
روحاني أكد أنّ طهران “ستزيد مستوى تخصيب اليورانيوم، بعد مهلة 60 يومًا”. فيما الرد الإسرائيلي على تصريحات روحاني لم يتأخر، حيث قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “إنّ إسرائيل لن تسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية”، وأضاف في كلمة بمناسبة (يوم الذكرى): “سمعت صباح اليوم (الأربعاء) وأنا في طريقي إلى هنا أنّ إيران تعتزم استئناف برنامجها النووي… لن نسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، وسنواصل قتال من يسعون لقتلنا”.
وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد أعلنت، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنّها ستبدأ فرض عقوبات على الصادرات الإيرانية من اليورانيوم المخصب التي يجيزها الاتفاق النووي، لكنها منحت إعفاءات تسمح بإبقاء الاتفاق حيًا.
وأعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تعديلًا في موقف بلاده التي ستبدأ فرض عقوبات على أيّ جهة تشارك في مبادلة اليورانيوم المخصب باليورانيوم الطبيعي، أو تشارك في تخزين الماء الثقيل الإيراني الذي يتخطى المعدلات المسموح بها.
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت في بيان لها، مطلع الأسبوع، أنّ “العقوبات ضد إيران قد تم تشديدها”، بهدف منع طهران من إحياء برنامجها للأسلحة النووية.
وأوضح البيان أنّ عمليات الدعم والمساعدة في ما يخص توسيع منشأة المفاعل النووي بمحطة “بوشهر” للطاقة النووية، يمكن أن تشملها العقوبات. كما ذكر أيضًا أنّ مبادلة اليورانيوم الطبيعي بالمخصب، بين إيران والدول الأخرى، قد تدخل في إطار العقوبات مستقبلًا.
ويجيز الاتفاق النووي المبرم بين النظام الإيراني والدول الكبرى، لطهران الإبقاء على 300 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 بالمئة، كما يُسمح، بموجب الاتفاق، لطهران ببيع اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق السقف المحدد في الأسواق الدولية، مقابل حصولها على اليورانيوم الطبيعي.
باريس تهدد بإعادة تفعيل آلية العقوبات
باريس كانت أول دولة أوروبية تشدّد على ضرورة التزام طهران بالاتفاق النووي، فقد أكدت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، الأربعاء، في مقابلة تلفزيونية، أنّه إذا لم تحترم إيران التزاماتها النووية فإنّ مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات ستكون مطروحة.
بارلي بيّنت أنّ ما من شيء أسوأ من خروج إيران من الاتفاق النووي، مضيفة أنّ الأوروبيين يريدون استمرار الاتفاق.
وبعد عام على انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق وإعادة العمل بالعقوبات الأميركية على طهران، أمهل نظام الملالي الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق 60 يومًا لكي تجعل تعهداتها عملانية، خصوصًا في قطاعي النفط والمصارف، تحت طائلة عدول طهران عن تطبيق تعهدات أخرى واردة في الاتفاق، كما بيّن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
وقررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، بعد عام على قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من هذا الاتفاق، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الأربعاء، في بيان لها، ووفق مراقبين، فإن الخطوة التصعيدية من النظام الإيراني جاءت بعد أن حذر الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، من الإخلال بالتزامات الاتفاق النووي.
وقالت وكالات أنباء عالمية: تم إبلاغ القرار رسميًا صباح يوم الأربعاء الثامن من الشهر الجاري، في طهران لسفراء الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا)، وفق بيان الوزارة.
وأشارت خارجية ولاية الفقيه إلى أنّ الرئيس روحاني أكد في رسائل إلى زعماء القوى العالمية الخمس أنّ طهران لن تبيع اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة لدول أخرى بعد الآن.
من جهة أُخرى، أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي يزور موسكو حاليًا، أنّ “الإجراءات التي اتخذتها واشنطن، خصوصًا منذ سنة، مثل انسحابها من الاتفاق، كانت تهدف بوضوح إلى التسبب بوقف تطبيق هذا الاتفاق”. مضيفًا أنّ بلاده أظهرت حتى الآن “ضبط نفس” لكن طهران باتت تعتبر الآن أنّ “من المناسب وقف تطبيق بعض تعهداتها وإجراءاتٍ طوعية اتخذتها في إطار هذا الاتفاق”، وذلك في تصريحات نقلها التلفزيون الإيراني الرسمي.
ظريف، شدّد على أنّ إيران “لن تنسحب” من الاتفاق النووي، وأنّ الإجراءات التي اتخذتها طهران، (التي لم تُحدد طبيعتها) تتوافق مع حق وارد للأطراف الموقعة على الاتفاق في حال إخلال الطرف آخر بالالتزامات.
فيما قال الممثل الخاص لشؤون إيران في الخارجية الأميركية بريان هوك: إنّ النظام الإيراني عبارة عن مافيا فاسدة تنشر الإرهاب وتقمع شعبها، ولن يرضخ إلّا بالضغط الاقتصادي وفرض العزلة الدبلوماسية والتهديد بالرد العسكري، كما دأب على ذلك.
هوك أكد، في مقابلة مع قناة “صوت أميركا 365” الناطقة بالفارسية، مساء الثلاثاء، أنّ “هذا النظام لو أراد حل المشكلة من خلال الحوار، لفعل ذلك منذ فترة طويلة، لكنه لا يفهم سوى لغة الضغط. وشدّد هوك أيضًا على أنّ النظام الإيراني “نظام ٌسارق، ومافيا فاسدة تسببت بمعاناة شعبها من الفقر”. على حدِّ تعبيره.
وكان النظام الإيراني قد أبرم الاتفاق النووي في فيينا في تموز/ يوليو 2015، وصادق عليه مجلس الأمن في قرار أتاح لطهران الحصول على رفع جزئي للعقوبات الدولية المفروضة عليها.
في المقابل، وافقت طهران على الحدِّ الكبير من أنشطتها النووية، وتعهدت بعدم السعي إلى امتلاك السلاح الذري، غير أنّ خروج إدارة ترامب من الاتفاق قبل سنة أدى إلى إعادة العمل بالعقوبات الأميركية التي كانت واشنطن علقتها بموجب تطبيق الاتفاق. وأبقى الاتحاد الأوروبي وموسكو وبكين -حتى الآن- على التزامهم بالاتفاق النووي التاريخي.
وكان مصدر في الرئاسة الفرنسية حذّر، بحسب وكالة (رويترز)، من أنّ “أوروبا ستضطر إلى إعادة فرض عقوبات على إيران، إذا تراجعت طهران عن أجزاء من الاتفاق النووي”. وأضاف “لا نريد أن تعلن طهران غدًا إجراءات تخرق الاتفاق النووي لأننا الأوروبيين في هذه الحالة سنضطر إلى إعادة فرض العقوبات وفقًا لشروط الاتفاق. لا نريد أن نقوم بذلك، ونأمل ألّا تتخذ طهران هذا القرار”.
وتبحث دول الاتحاد الأوروبي سبلًا للحفاظ على منافعها الاقتصادية مع طهران.
إدارة ترامب تلوّح بتدخل عسكري للردع
العلاقات الأميركية الإيرانية دخلت مرحلة من التعقيد مع إعلان إدارة ترامب إرسال حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط، مساء الأحد، ردًا على عدد من المؤشرات والتحذيرات المثيرة للقلق من إيران.
شبكة “سي إن إن” الأميركية، نقلت عن مصادر استخباراتية في واشنطن، وفقًا لما ذكر موقع “العربية نت” الأربعاء، أنّ قواتٍ إيرانية نقلت صواريخ عدّة عبر القوارب في الخليج العربي وذلك بعد تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز.
وأكد تقرير “سي إن إن” أنّ نقل القوات الإيرانية صواريخَ باليستية قصيرة المدى على متن قوارب في الخليج قد يكون أحد الأسباب الحاسمة التي قررت الولايات المتحدة بموجبها نقل مجموعة من حاملات الطائرات والقاذفات من طراز B-52 إلى الشرق الأوسط.
وقال مسؤولون: إنّ البنتاغون يفكر في إرسال قوة نيران إضافية إلى المنطقة، بما في ذلك أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ. كما يمكن أن ترسل واشنطن بطاريات صواريخ باتريوت إلى المنطقة.
وتقول الشبكة الأميركية في التقرير: لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن عمليات الانتشار الإضافية، لكن المسؤولين أوضحوا أنّه إذا تراجع الإيرانيون قد لا تكون هناك حاجة إلى البطاريات.
وتعتقد إدارة ترامب حاليًا أنّ تصرفات النظام الإيراني قد تُعرض القوات الأميركية وقوات التحالف في منطقة الخليج للخطر.
ووفقًا لتقرير “سي إن إن”، فإنّ مسؤولي الجيش والمخابرات الأميركية يراقبون حركة الصواريخ الإيرانية على مدار الساعة، لكنهم لم يروا بعد انسحابًا.
ولفت التقرير إلى أنّ مخاوف الإدارة الأميركية بخصوص حركة الصواريخ الإيرانية كانت واحدة من خيوط معلومات استخباراتية متعددة، من مصادر مختلفة، أدت إلى اعتقاد واشنطن أنّ إيران لديها القدرة والنية على شنّ ضربات ضد أهداف أميركية.
وكان وزير الخارجية الأميركي قد زار العراق فجأة، الثلاثاء، لبحث التصعيد الإيراني، وقال بومبيو، حينها: إنّ بلاده ملتزمة بحماية سيادة العراق، مشيرًا إلى أنّ إيران “تصعد من أنشطتها في المنطقة”.
الوزير الأميركي أكد للصحافيين الذين رافقوه في رحلته إلى بغداد، أنّ واشنطن تريد للعراق أن يكون مستقلًا وغير خاضع لأيّ دولة، موضحًا أنّ مخاوف أميركا بما يتعلق بسيادة العراق ليست جديدة.
وأفاد مصدر عراقي، بأنّ الوزير بومبيو ورئيس الجمهورية برهم صالح، اتفقا على تمديد استثناء العراق من العقوبات على إيران، وأضاف المصدر أنّه تم التأكيد على تمديد استثناء العراق من العقوبات على إيران، فضلًا عن عدم التصعيد معها.
بومبيو: ملتزمون بحماية سيادة العراق
رئيس الدبلوماسية الأميركية أكد لرئيس الوزراء العراقي، أنّ واشنطن ملتزمة بحماية سيادة العراق، مشيرًا إلى أنّ طهران تصعّد من أنشطتها في المنطقة، وأنّه توجه إلى العراق بسبب هذا “التصعيد” الإيراني، ومشيرًا إلى أنّ بغداد وعدت بحماية المصالح الأميركية.
وكانت واشنطن قد مددت في آذار/ مارس الماضي لثلاثة شهور إعفاءً مُنِح للعراق في كانون الأول/ ديسمبر 2018، ويُتيح له أن يستورد من طهران الطاقة الكهربائية التي يعتمد عليها كثيرًا، وذلك على الرغم من العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وفق ما أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية في حينه.
وقال وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان: إنّه أمر، الأحد، بنشر مجموعة لينكولن البحرية الضاربة، والمكوّنة من حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” وقطع بحرية مرافقة لها، إضافةً إلى مجموعة قاذفات، ردًا على مؤشّرات حول وجود تهديد جدّي من قبل قوات النظام الإيراني.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، الإثنين، لوكالة “أسوشيتد برس”، مشترطًا عدم الكشف عن هويته: إنّ قرار البيت الأبيض إرسالَ حاملة طائرات ومعداتٍ عسكرية أخرى هي رسالة إلى إيران عقب مؤشرات واضحة على أنّ إيران أو وكلاءها في المنطقة يستعدون لمهاجمة القوات الأميركية في المنطقة، ورفض تحديد ما هي الأهداف المحتملة، لكنه أكد على جاهزية القوات الأميركية لصد أيّ هجوم.
وقال مستشار الأمن القومي جون بولتون، الأحد الماضي، إنّ نشر حاملة الطائرات وقاذفات القنابل يأتي لإظهار أنّ الولايات المتحدة سترد على أيّ هجوم “بقوة لا تلين”. وأضاف أنّ القرار الذي قد يفاقم التوترات بين البلدين، يهدف إلى إبلاغ إيران “رسالة واضحة لا لبس فيها” عن موقف أميركا الصارم تجاه النظام الإيراني.
من جهة أخرى، وصف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إعلان إدارة الرئيس ترامب إرسال حاملة الطائرات لتوجيه رسالة إلى طهران، بأنّه “حرب نفسية”، بحسب ما أفادت وكالة (تسنيم) الإيرانية، الثلاثاء. ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي كيوان خسروي، قوله: “إنّ تصريح بولتون استخدام أخرق لحرب نفسية مستهلكة”. وجدد نظام الملالي تحذيره، الأسبوع الماضي، من أنّه سيغلق مضيق هرمز، إذا حُرم من استخدام الممرّ المائي الاستراتيجي.