قال مسؤولٌ كبير في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّ بلاده في انتظار تواصل إيران، لكن لم تصلها أيّ رسائل تشير إلى استعدادها لقبول دعوة الرئيس ترامب لإجراء محادثات مباشرة. وأضاف المسؤول الأميركي، خلال حديثه لمجموعة من الصحافيين، بحسب ما نقلت وكالة (رويترز) عنه دون أن تذكر اسمه، السبت: “نعتقد أنّ عليهم خفض التصعيد والدخول في مفاوضات”.
تزامن ذلك مع تأكيد الرئيس الإيراني حسن روحاني أنّ بلاده ليست مستعدة للذهاب إلى “طاولة مفاوضاتٍ خاوية مع الولايات المتحدة”، مؤكدًا أنّ إيران “لن ترضخ أبدًا أمام من يريد التعامل معها بغطرسة”، فيما قال وزير خارجيته محمد جواد ظريف: “لن تندلع الحرب لأنّ إيران لا تريدها”، وأضاف: “لا يمكن لأحد مواجهة إيران في المنطقة”.
بدوره، قال قائد الجيش الإيراني الميجر جنرال عبد الرحيم موسوي، وفقًا لما نقلت وكالة (مهر) الإيرانية شبه الرسمية: “إذا أساء العدو التقدير وارتكب خطأً استراتيجيًا؛ فسيلقى ردًا يجعله يندم”.
وقال نائب قائد (الحرس الثوري الإيراني) محمد صالح جوكار، الجمعة: إنّ “الصواريخ الإيرانية، بما فيها قصيرة المدى، قادرة بسهولة على الوصول إلى السفن الحربية الأميركية الراسية في الخليج، وغيرها من مناطق الشرق الأوسط”.
في السياق ذاته، ذكرت وكالة (رويترز) أنّ “المسؤولين الأميركيين يساورهم القلق من أن تكون إيران نقلت خبراتها القتالية البحرية إلى وكلاء يقاتلون لحسابها بالمنطقة، وتحملهم واشنطن المسؤولية عن هجمات على أربع ناقلات نفط قبالة ساحل الإمارات الأحد”.
وقالت وسائل إعلام سعودية، السبت: إنّ الرياض ودولًا عربية وافقت على طلبٍ من واشنطن لإعادة انتشار القوات العسكرية الأميركية في مياه الخليج، وعلى أراضٍ خليجية.
قناة (العربية) وصحيفة (الشرق الأوسط) نقلتا عن مصادر خليجية وصفتها بـ”مطلعة” أنّ “الموافقة جاءت بناءً على اتفاقات ثنائية بين الولايات المتحدة من جهة، ودول خليجية من جهة أخرى”. مؤكدةً أنّ “الدافع الأول لإعادة انتشار القوات الأميركية في دول الخليج، هو القيام بعمل مشترك بين واشنطن والعواصم الخليجية، لردع إيران عن أيّ محاولة لتصعيد الموقف عسكريًا، ومهاجمة دول الخليج أو مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وليس الدخول في حرب معها”.
وفي سياق التصعيد الأميركي، ذكر موقع (ميدل إيست آي) البريطاني أنّ إدارة ترامب قد تستعمل “الروابط المريبة” بين إيران وتنظيم (القاعدة)، مثل إيواء طهران لعناصر من التنظيم المتشدّد، بينهم نجل زعيمه السابق أسامة بن لادن، كذريعة لشنّ حرب ضد إيران.
وأضاف الموقع أنّ إدارة الرئيس جورج بوش كانت قد استعملت ضمن ذرائع غزو العراق عام 2003 صلات نظام صدام حسين الكاذبة بـ (القاعدة)، ومن ساعد التنظيم في شنّ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
وأكد (ميدل إيست آي) أنّ واشنطن قالت في إطار حملتها الهادفة إلى شنّ حرب ضد إيران: إنّ لإيران صلات قوية بتنظيم (القاعدة)، وأنّ وزير الخارجية مايك بومبيو أبلغ لجنة مجلس الشيوخ الأميركي للعلاقات الخارجية في جلسة عُقدت في شهر نيسان/ أبريل الماضي، بأنّ تنظيم (القاعدة) يمارس نشاطه في إيران، وله اتصالات مع الحكومة في طهران.
وبموجب الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين سنة 2001، وهو قانون سنّه الكونغرس الأميركي في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، يسمح البيت الأبيض بمواجهة إيران عسكريًا دون الحصول على موافقة الكونغرس بسبب وجود مثل تلك الصلات.
خفايا اللعب بالنار في المنطقة
الأجواء المحمومة وحرب التصريحات النارية بين قادة إدارة ترامب وزعماء نظام الملالي في طهران، والتهديد بحرب عسكرية من شأنها زعزعة استقرار المنطقة وتعكير مياه الخليج العربي، لم تهدأ منذ يوم الأحد 12 الشهر الجاري، الأمر الذي أشعل الصحافة الغربية والأميركية التي كرست صفحاتها لتسليط الأضواء على مجريات الأمور، وكشف ما أمكن من خفايا اللعب بالنار في المنطقة.
نشرت صحيفة (التايمز) البريطانية تقريرًا يقول: إنّ الرئيس ترامب، كان يعلم أنّ جون بولتون، يخطط للحرب مع إيران وكوريا الشمالية عندما عينه مستشارًا للأمن القومي.
ويشير كاتب التقرير ديفيد تشارتر، إلى أنّ ترامب كان متحفظًا على هذا الأسلوب لذلك عين في المنصب الجنرال هربرت ماكماستر، ولكن موقف ماكماستر الداعم للاتفاق النووي مع إيران عجل برحيله ليحل بولتون محله. وبعد شهر من تعيينه انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
تشارتر، رأى أنّ صعود بولتون إلى أعلى مناصب صناعة القرار في السياسة الأمريكية أدى إلى التوتر الحالي وإرسال قوات أميركية إلى المنطقة، لكنه رأى أيضًا أنّ هذه التحركات دليل على خلاف بين ترامب والمستشار بولتون في التعامل مع ملف إيران.
من جهةٍ أخرى، أفادت صحيفة (تايمز) البريطانية، أنّ ترامب، أجرى مشاورات مع “حليف قديم” من خارج البيت الأبيض، بشأن التصعيد الحالي بين واشنطن وطهران في الخليج.
جاء ذلك ضمن تقرير نشرته الصحيفة، السبت، تحت عنوان “ترامب يسأل حليفًا قديمًا ومساعدًا موثوقًا به عن كيفية تخفيف التوتر مع إيران”، وبحسب الصحيفة فإنّ “الرئيس الأمريكي استدعى مؤخرًا للتشاور نائب رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي سابقًا، الجنرال المتقاعد جاك كين“.
وأشارت الصحيفة البريطانية في تقرير آخر إلى أنّ الجنرال كين (76 عامًا)، من قدامى المحاربين في فيتنام، وتولى في السابق قيادة بعض وحدات النخبة في الجيش الأميركي.
أما صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، فقالت في تقريرها الجمعة: إنّ “ترامب محبط من مستشاريه ويرى أنّ الوقت ليس جيدًا للهجوم على إيران”. وأشار التقرير إلى أنّ “إدارة ترامب في حالة عالية من الحذر للرد على تقارير عسكرية واستخباراتية تحمل معلومات محددة وموثوقة عن تهديدات إيرانية للقوات الأميركية في الشرق الأوسط. لكن ترامب يشعر بالإحباط من بعض مستشاريه الذين يعتقدون أنّه يمكن دفع الولايات المتحدة لحرب مع إيران، وهذا يهز تعهده الطويل بسحب كل القوات الأميركية من الشرق الأوسط والتوقف عن التدخلات الخارجية”.
ونقلت الصحيفة عن عدد من المسؤولين الأميركيين عدم رضاه عن مستشاريه وتفضيله الحلول الدبلوماسية على العسكرية، ورغبته بالحديث مع القادة الإيرانيين، وبحسب مصادر عدّة استندت عليها (واشنطن بوست)، فالخلاف حول تقييم المعلومات الاستخباراتية والرد عليها والتي تضم أمرًا من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، فسره المسؤولون الأميركيون على أنّه تهديد مباشر للقوات الأميركية في الشرق الأوسط ويؤثر على التحالفات الدولية.
تقرير الصحيفة الأميركية ذكر أنّه، بحسب 10 دبلوماسيين ومسؤولين من 7 دول أوروبية، لم يقتنع القادة الأوروبيون، الذين يراقبون الجو المحموم في واشنطن، بما حمله وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي بارز، لم تسمّه، قوله: “لم يقدم بومبيو دليلًا” حول أسباب قلق واشنطن من عدوانٍ إيراني ممكن، وشعر المسؤولون بالدهشة، وتساءلوا عن سبب مجيء بومبيو، وعبّروا عن شكٍ في سياسة ترامب تجاه إيران وفي تحضير مستشاريه للحرب، وهو ما سيضع العلاقات الأميركية-الأوروبية أمام امتحان لا ينبغي أن يكون في الموضوع الإيراني، بل في قضايا أخرى، لأنّ الموسم هو انتخابات يخشى القادة من معاقبة الناخب لهم لدعمهم خطط ترامب. وفي الوقت نفسه عبر الجمهوريون والديمقراطيون الذين يدعمون عادة الإدارة في موضوع إيران، عن شكوكهم بالمعلومات وشغف الإدارة بالحرب.
نتنياهو.. دعم مطلق للحلف الأمريكي- السعودي- الإماراتي
تقرير آخر نشرته (واشنطن بوست) أعدّه آدم تايلور، حمل عنوان “من يدعم بقوة ضربة عسكرية ضد إيران؟”، يذكر تايلور أنّ عمليةً عسكرية أميركية ضد إيران لن تحظى بدعم دولي، فحلفاء الولايات المتحدة عبروا عن اعتراضهم علنًا على الفكرة، فيما دعت القوى الكبرى مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي لضبط النفس.
ولا تحظى فكرة الحرب مع إيران بدعم وسط المشرعين الأميركيين الذين عبر بعضهم عن السخط بسبب غياب المعلومات. لكن تايلور بيّن أنّ هناك “تحالف من الدول، ربما تعاطف مع فكرة ضرب إيران، وهو التحالف الثلاثي المكون من السعودية والإمارات العربية المتحدة و(إسرائيل)”، لافتّا إلى أن “لم يكن مصادفةٌ تقارب هذه الدول مع ترامب وإدارته في لحظة تسلمه السلطة، حيث رأت فيه حليفًا معها ضد إيران، وبدأت الرياض بتبني نبرة تحريضية في التوتر الحاصل مع إيران”.
تقرير (واشنطن بوست) الذي أعدّه تايلور، أوضح أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدعم الموقف الأميركي، وأنّ إيران ظلت في مركز سياسة نتنياهو، الذي فكر عام 2011 بالقيام بعملية عسكرية من طرف واحد، تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، والذي منعه هو الخوف من فشل الهجوم أو اندلاع مواجهة جديدة مع (حزب الله) اللبناني.
أما دولة الإمارات، بحسب تقرير تايلور، فإنّها “اتخذت موقفًا حذرًا من إمكانية المواجهة مع إيران”. لافتًا إلى رفض وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش التكهن بمن يقف وراء عملية تخريب السفن، حيث قال: “علينا معالجة التصرف الإيراني بوضوح، وعلينا في الوقت نفسه عدم الوقوع في مصيدة النزاع”.
ويشير الكاتب الأميركي إلى أنّ “تصريحات قرقاش تأتي رغم انتقاد الإمارات لإيران ودعوتها سرًا الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف متشدد منها. لكن قرب الإمارات من إيران والعلاقات الاقتصادية بينهما، يجعل من فكرة الحرب الشاملة صعبة”.
آدم تايلور رأى أنّ “التحالف السعودي- الإماراتي- الإسرائيلي قام على معاداة إيران، وتخلت الإمارات والسعودية عن المعارضة التاريخية لـ (إسرائيل)، وهي التي وحدت مرة الدول العربية، وبدلًا من ذلك ركزتا على البحث عن حليف قوي ضد إيران، والتهديد الواسع من الحركات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين”.
بالعودة إلى الصحافة الغربية، قالت صحيفة (لوسوار) البلجيكية: “لمواجهة الطموحات النووية الإيرانية تشكلت تحالفات خطيرة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية و(إسرائيل)، وسط قلق الأوروبيين”.
وعدّت الصحيفة في تقرير نُشر الجمعة، أنّ الولايات المتحدة و(إسرائيل) “ستجدان نفسيهما في وضع سخيف للغاية، في حال تحررت إيران من الاتفاق النووي الدولي باستئنافها الأنشطة التي حظرها عليها الاتفاق، بحيث ستكون واشنطن وتل أبيب أمام الوضع السابق حين تشتبهان في أنّ طهران تسعى للحصول على السلاح النووي”.
ورأت الصحيفة البلجيكية أنّ “تعرض إيران لأيّ هجوم، حتى لو كانت (عملية جراحية) كما يقال، فستكون طهران أمام خيارين: الرضوخ، وبالتالي ستنهار قياداتها للمحيط الشيعي، أو القتال، بحيث ستطلب من القوات الشيعية المقربة منها في العراق ولبنان وسورية ودول الخليج وغيرها، شنّ عمليات معادية لأميركا تحت جميع الأشكال الممكنة، ومن شأن ذلك أن يتسبب في زيادة كبيرة في أسعار النفط، سيكون لذلك تأثير سلبي كبير على الاقتصادات الأوربية”.
(لوسوار) أضافت في تقريرها أنّ “هذه الآلية التي وصفتها بـ (الجهنمية) تضاف إليها آليه أخرى تتمثل في أنّ عدم استجابة ترامب أو تراخيه أمام إيران، سيتم استغلاله من قبل خصومه لإدانة إفلاس استراتيجيته، بينما إذا كان رد فعله قويًا، فإنّ ذلك قد يثير ردة فعل قومية في الولايات المتحدة، من شأنها أن تعزز فرص إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية عام 2022”.
وأشارت الصحيفة البلجيكية إلى أنّ “الرئيسين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش، قصفا العراق عندما كانا يواجهان صعوبات في الداخل الأميركي. أما في ما يخص المملكة العربية السعودية والإمارات، اللتين تواجهان مجموعة من الصعوبات، بما في ذلك في اليمن، فلا يمكنهما سوى دفع الولايات المتحدة لتخليصهما مما يعتبرانه تهديدًا إيرانيًا.