سلايدرقضايا المجتمع

شعب إدلب يقول: لا عيد تحت النار والحديد

يُقبل عيد الفطر (السعيد) على الشعب السوري في محافظة إدلب، بينما يترقب الناس الصواريخ النازلة عليهم من طائرات المحتل الروسي، وزبانيته من ميليشيات النظام السوري، أو تلك التابعة لإيران. يهرب الناس بل يفرّون من الموت، وآخرون يلملمون جراحهم، أو يدفنون موتاهم، أمام صمتٍ مطبق من العالم أجمع، وتجاهلٍ واضح المعالم من قمم العرب والمسلمين، وكأن شيئًا لم يحصل في إدلب لأكثر من 4 ملايين إنسان سوري عربي ومسلم. ويهرب العيد وفرحته من صدور الناس، وينظر الطفل الإدلبي أو السوري في إدلب إلى العيد بطريقة مختلفة، وواقعٍ ليس أسوأ منه إلا التخلي والخيبة التي يعيشها الناس هناك.

الناشط في ريف حلب الغربي ثروت حميدو، أحد العاملين في منظمة إنسانية سورية، قال لـ(جيرون): “في مناطق إدلب وريف حماة وريف حلب الغربي المحرر، يقتصر العيد على إحياء شعيرة عيد الفطر في صلاة العيد جماعةً، في المساجد والمخيمات، ثم زيارة مقابر الشهداء، وزيارة عوائل الشهداء والمصابين حديثًا، إذ لا وجود لفرحة العيد أو طقوسه المعتادة”.

وأضاف حميدو: “بعد اليوم الأول ستبدأ عملية تنظيم المقاومة الشعبية، لرفد الجبهات من أهلنا النازحين بالأخص، وأبناء القرى التي تتعرض للقصف حاليًا، وستبدأ عملية تنظيم التجمعات البشرية للنازحين، وتأمين خيم ومستلزمات المعيشة، لأن من المتوقع استمرار المعارك، أما في الريف الشمالي في درع الفرات وغصن الزيتون فالأمر مختلف، ونعتقد أن هناك بعض مظاهرٍ للعيد، وإن كانت ناقصةً وتفتقد البهجة”.

أما الناشطة السورية الحلبية حسناء الحاج فقالت بحرقةٍ لـ(جيرون): “العيد حزين منذ اندلاع الثورة، ولا بدّ لعيدٍ قادمٍ يعيد بهجته أمنًا وسلامًا، بزوال مصدر الارهاب الأول، بشار وزمرته، ولا بدّ للعيد أن يأتي، وأعني (عيد النصر)”.

كما قال الإعلامي السوري عبد الكريم درويش: “السوري على الأرض في الداخل يفقد الثقة بكل شيء، وبكل وعدٍ أو كلام، حيث لا فرق بين الصديق والعدوّ، بين النظام وغيره، وهو ينتظر الموت بصاروخ رحمةٍ ينهي آلامه ومعاناته، بين الموت والمذلة، فقدت الأشياء معناها، منذ رمضان إلى العيد أرضٌ ووطنٌ، ومهاجرون وأنصار، وفصائل مجاهدون، سنحكي لك يا الله كل شيء، كل شيء”.

الضابط السابق في إحدى فصائل المعارضة العاملة في إدلب، عمر قربون، قال خلال حديثه إلى (جيرون): تعوّد هذا الشعب أن لا تكسره الملمّات، ولا تطأطئ رأسَه الأزمات، ولكن يزيد في هذا العيد حجم التهجير الذي حصل مع الهجمة الشرسة الإجرامية الأخيرة، فقد أُخليت الكثير من القرى والبلدات من سكانها، وبقيت أخرى مكتظةً تكابر وتصبر تحت قصفٍ همجي يومي، لأنه لم يعد هناك مكان للنزوح” وأضاف أن “هذا العيد تميّز بعدم وجود مظاهر تدل على قدوم العيد، لأن الأسواق تكون مغلقةً غالبًا، ولم يعد الناس تذهبون إلى الأسواق إلا لقضاء الحاجات الأساسية وبسرعة وترقب، والسبب أن عصابة الإجرام، من احتلال روسي وعميل سوري، تركّز في قصفها على الأسواق والمرافق الحيوية، ولا أعتقد أن قادم الأيام سيكون هادئًا، لأنها من لم ترع حرمةً طوال شهر رمضان، فلن يكون في ما بعده بأحسن حالًا”.

أما المهجر القسري إلى كفر تخاريم يوسف الغوش، رئيس المجلس المحلي السابق في زملكا، فقال: لم يختلف المشهد السوري في هذه الأيام عما سبقه من مشاهد المجازر والدمار والتهجير بحق المدنيين حين تعرضت مدن حلب وحمص وريف دمشق ودرعا للقصف، هي ذاتها، ما نراه اليوم في مدن شمالي حماه وإدلب سعي إجرامي من النظام الأسدي وداعميه الروس والايرانيين لإنهاء ثورة الشعب السوري، فيما بقي من محرر”، وتابع: “يحصل هذا أمام مرأى ومسمع العالم، الذي يبدو أن زمن شعاراته بالديموقراطية وحقوق الإنسان، التي طالما حلمنا بها، قد توقف عند إرادة السوريين بالتغيير، فأصبحت بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار، ومع الصمود الأسطوري الذي يبديه المقاومون الشرفاء في الجبهات، وكذلك المدنيون الذين ذاقوا مرارًا تلك المآسي والنكبات، سيأتي الفجر وينتهي كل هذا ويحقق الشعب السوري ما خرج لأجله في ثورته، وسيكون عيد النصر عيد الأعياد”.

رائد زين المدرس في مدينة أريحا والقيادي في المقاومة الشعبية بإدلب قال: “نحن لا نملك الخيار بأن نقول نعم أو لا، فالقصف اليومي الذي يتحرى الأسواق وأماكن الازدحام جعل الحركة متواضعة جدًا للتسوق، خوفًا من القصف من جهة، وبسبب كثرة النازحين خارج المدينة من جهة أخرى، كذلك فإن تعاطف الناس مع أهالي الشهداء الذين خسروا أولادهم أو أقاربهم بالفترة الماضية يجعلهم يخجلون من التسوق للعيد والاستعداد له، كذلك فإن بعض الحوادث الفردية كاﻷب الذي اشترى ثيابًا جديدة ﻷولاده، ثم بعد أيام استشهدوا تحت القصف فوضع ثيابهم للعيد فوق القبر، تجعل الناس تحجم عن الشراء تعاطفًا وغضبًا”.

وأضاف: “الحالة الاقتصادية المتردية للناس، وبخاصة أن كثيرين منهم لم يعودوا قادرين على الوصول إلى أراضيهم ومحاصيلهم، التي حرقت عصابةُ الأسد مساحاتٍ واسعةً منها، جعلت الناس يحافظون على ما لديهم من مال تحسبًا ﻷيامٍ قادمة أكثر سوادًا”، وتابع: “بالمجمل فإننا، في المحرر، لا نشعر بأجواء العيد أبدًا، ولا يوجد أي شيء يجعلنا نفكر بالعيد، فالقصف اليومي اﻹجرامي لم ينقطع بعد “.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق