اقتصادسلايدر

من هو “الأوليغارشي السوري” الذي أوقعته واشنطن في شباك عقوباتها

العقوبات على سامر الفوز أعادت النقاش حول دعم الأمم المتحدة لنظام الأسد

الأوليغارش السوري” وصفٌ أطلقته الإدارة الأميركية على رجل الأعمال السوري سامر الفوز، المقرّب من نظام الأسد، بسبب حيازته استثمارات كبيرة خلال سنوات الحرب الثمانية.

جاء ذلك في بيان وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء 11 من الشهر الحالي، والذي أدرجت فيه سامر الفوز وشقيقيه، عامر الفوز وحسين الفوز، إضافة إلى 13 كيانًا وشركة يملكونها في سورية ولبنان والإمارات، على قائمة العقوبات الأميركية، التي تشمل رأس النظام في سورية وداعميه من وزراء وكبار ضباط ورجال أعمال وكيانات اقتصادية.

مصطلح “الأوليغارش” الذي يذكر لأول مرة في بيانات “الخزانة الأميركية” الخاصة بالعقوبات الاقتصادية على النظام الأسدي، يعني “حكم الأقلية”، بحيث تكون السلطة السياسية بيد فئة من المجتمع. فيما تعرف “الأوليغارشية المالية” بأنّها نخبة اجتماعية من رجال أعمال، يسيطرون على اقتصاد بلد ما عبر شراء ما يمكن الاستحواذ عليه في مختلف القطاعات، خاصة الطاقة والنفط والبنوك والعقارات.

“الخزانة الأميركية” قالت في بيانها إنّ سامر الفوز استفاد بشكل كبير من مشروع إعادة الإعمار بعد طرد رئيس النظام السوري بشار الأسد المواطنين من المناطق الأشد فقرًا، لتمهيد الطريق لمشاريع إعادة الإعمار الفاخرة (في مشروع ماروتا سيتي) التي يستفيد منها رجال الأعمال المقربون منه.

هدف العقوبات، بحسب البيان، هو قطع الموارد والتمويل عن مشاريع إعادة الإعمار والاستثمار، خاصة “الفخمة” التي تدعم حكم الأسد.

بيان “الخزانة الأميركية” أوضح أنّه تم إضافة شركتين تابعتين للفوز مقرهما في لبنان، تسّهلان شحنات النفط الإيراني، المُدرج على قائمة العقوبات الأميركية أيضًا، إلى سورية، كما ذكرت الشركات المُدرجة في قائمة العقوبات، ومن بينها: فندق (فور سيزونز) بدمشق الذي كان رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال يملك الحصة الأكبر منه قبل أن يشتريها الفوز.

وكذلك “مجموعة أمان القابضة” التي تستثمر في بناء ثلاثة أبراج في مشروع “ماروتا سيتي” بمساحة تقارب 200 ألف متر مربع، إضافة إلى استثمار خمسة مقاسم سكنية وفق الطراز العمراني الحديث بمساحة تصل إلى 43 ألف متر مربع.

محللون سياسيون وخبراء اقتصاد يرون أنّ صعود الفوز السريع يعود لأنّه الستارة التي يتخفّى وراءها بشار الأسد أو شقيقه اللواء ماهر الأسد. مشيرين إلى أنّه من المستحيل تصديق أنّ الفوز حقق ثراءه الفاحش بالاعتماد على أمواله الخاصة.

وفي هذا السياق، يقول ربيع ناصر، مدير مركز أبحاث اقتصادي مقره في بيروت: إنّ “النظام لديه رجال أعماله الخاصين، تمامًا مثلما لديه أجهزته الأمنية، حيث يقدم لهم فرصًا مميزة في مقابل اقتسام الأرباح”.

فيما يرى البعض أنّ الفوز هو واجهة النظام الإيراني في سورية، بدليل مشروع منطقة خلف الرازي في دمشق (لاند مارك) الذي رسا عليه، وشرائه أراض وعقارات لصالح إيرانيين، فيما عُلم أن مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي، أصدر مذكرة اعتقال دولية بحق الفوز المتهم بالنصب والاحتيال على مجموعة شركات وجهات حكومية إيرانية بنحو نصف مليار دولار.

ويؤدي إدراج الخزانة الأميركية لشبكة الأفراد والشركات على لائحة العقوبات، إلى عزلهم فعليًا عن النظام المالي العالمي، إضافة إلى تجميد أصولهم المالية الخاضعة للقضاء الأميركي، وتحذر المؤسسات غير الأميركية من التعامل معهم.

وفرض الاتحاد الأوروبي، مطلع العام الجاري، عقوباتٍ على 11 شخصًا وخمس شركات تعمل في الاستثمار العقاري، على خلفية تقديم هذه الجهات دعمًا ماليًا، وغيره مِن صور الدعم للنظام الأسدي، وضمّت القائمة حينها اسم سامر الفوز.

تجديد الاتهام للأمم المتحدة بدعم نظام الأسد

دعم منظمة الأمم المتحدة لنظام الأسد ماليًا، عاد إلى الواجهة مجددًا بعد أن شملت عقوبات أميركية جديدة سامر الفوز الذراع المالي للنظام، وفندق (فور سيزونز) الذي يقطنه موظفو المنظمة الأممية، وفق ما ذكرت تقارير إعلامية معارضة، الخميس.

عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون غرّد على (تويتر) قائلًا: “تنفق الأمم المتحدة أكثر من 26 ألف دولار في الليلة في فور سيزونز -دمشق، الذي يملكه الفوز. هذا ما يقرب من 10 ملايين دولار في السنة. كم من أموال دافعي الضرائب الأميركيين المرسلة إلى الأمم المتحدة، ينتهي بها الأمر في خزائن نظام الأسد؟”.

قال المدير التنفيذي لمنظمة (هيومان رايتس ووتش) كينيث روث: تفرض الحكومة الأميركية عقوبات على صديق الأسد (الفوز) الذي يزعم أنّه كان يبني مشاريع فاخرة على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من اللاجئين السوريين والمشردين. من بين مقتنياته فندق (فور سيزونز) في دمشق الذي استخدمه موظفو الأمم المتحدة بإنفاق كبير”.

وساهم الفوز ولا يزال، بحسب ما أعلنت وكيلة الوزارة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية سيجال ماندلكر، في بيان، الثلاثاء، بشكل أساسي في دعم نظام الأسد، و”بنى مشاريع فخمة من أراضٍ مسروقة من الفارين من بطش الأسد”. معتبرةً أنّ الفوز “من المستفيدين من الصراع الذين يملؤون خزائن الأسد، في الوقت الذي يعانيه المدنيون السوريون من هذه الكارثة البشرية”.

واعتمد نظام الأسد تكتيك الاستيلاء على ممتلكات المواطنين السوريين، من خلال إصدار القانون رقم (10)، وتسليم الأراضي للأثرياء الموالين له مقابل شراكة مالية خفية تعتمد استراتيجية جديدة لإعادة ما دمرته آلة القتل الأسدية الإيرانية الروسية مدعومة بمجموعات طائفية مسلحة.

ثروة ملطخة بدماء الضحايا السوريين

تقارير إعلامية أميركية وغربية وعربية وسورية معارضة، تابعتها (جيرون)، كشفت الكثير من تفاصيل صعود سامر الفوز من قاع عالم المال القذر ليصبح أبرز أغنياء الحرب الأسدية ضد الثائرين السوريين، ولتتضخم ثروته الملطخة بدماء الضحايا امن أبناء بلده، بحسب ما ذكر تقرير نشره موقع (العربية نت) الأربعاء.

موقع (خارون) وهو موقع متخصص بالعقوبات الأميركية أنشأه مسؤولون سابقون في وزارة الخزانة الأميركية، نشر مجموعة من التقارير عن الفوز، والتي أفادت بأنّ المصالح التجارية لفوز وشبكة شركاته تشمل المملكة المتحدة، وجزر الفريجان البريطانية، وتركيا وروسيا، بالإضافة إلى لبنان وغيرها من الدول.

من استثمارات الفوز، إنشاء مصانع لإنتاج قطع غيار السيارات التي تنتج أربعين في المئة من قطع (كيا) التي تباع في سورية. ولديه شركات تبيع معدات تستخدم في قطاعات النفط والغاز الطبيعي، وأخرى في مجال السلع الغذائية مثل الحبوب والسكر.

كما عقد صفقات ضخمة منها شراء ملايين الأسهم في (بنك سوريا الدولي الإسلامي) الصفقة الأولى كانت بشراء 7.949.842 سهمًا بأكثر من 7.35 مليار ليرة، باحتساب السعر الوسطي لسهم البنك البالغ 939.51 ليرة سورية، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. بحسب تقارير صحفية نشرتها مواقع إخبارية سورية معارضة.

التقارير قالت إنّه حين بلغت قيمة الصفقة الثانية بعد شراء مليون سهم، 947.2 مليون ليرة، بسعر وسطي لسهم البنك البالغ 947.20 ليرة سورية، لتصبح شركة الفوز تملك 6.53% من عدد الأسهم الكلي للبنك. كذلك اشترى 592.250 سهمًا من أسهم (بنك البركة- سوريا)، بقيمة 841 مليون ليرة سورية، في كانون الثاني/ يناير 2019.

وأسّس الفوز في 15 آذار/ مارس الماضي، شركة (أمان للأسمنت)، وتعمل في مجال إنتاج الإسمنت البورتلاندي الأسود السائب، وهو المكون الأساسي لتصنيع الخرسانة (الباطون).

وكانت صحيفة (وول ستريت جورنال) وصفت، في وقت سابق، الفوز بـ “الوسيط للمستثمرين الأجانب في عملية إعادة الإعمار”، كما وصفته بـ “أثرى رجل في سورية”.

وقال الفوز للصحيفة الأميركية: إنّ “من مصلحة أوروبا السماح له بالمساعدة في إعادة الإعمار وخلق وظائف تساعد السوريين على الرجوع إلى بلدهم”. وكان الفوز قد عقد صفقات ضخمة لشراء منشآت سياحية في سورية، منها شراء حصة الوليد بن طلال، في فندق (فور سيزونز) بدمشق، بحسب ما ذكرت صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، في آذار/ مارس الماضي.

كذلك وضع الفوز يده على ممتلكات رجل الأعمال السوري موفق القداح، وتحديدًا مطعم (أوريون كلوب) الذي تجتمع فيه النخب السورية. واستحوذ أيضًا على ممتلكات عماد غريواتي، الذي سبق له أن ترأس غرفة التجارة والصناعة في دمشق، والذي دانته صحف النظام بتهمة “الخيانة” بعد لجوئه إلى الإمارات. كما استحوذ على معملين مختصين في المعادن يملكهما عماد حميشو.

وكان قد أسس شركة طيران خاصة باسم (فلاي أمان) في نيسان/ أبريل 2018. وتشمل إمبراطوريته الاقتصادية محطات تلفزيونية مثل (المنبر)، وهي داعمة لنظام الأسد، وقناة (لنا) التي طالتها العقوبات الأميركية، إضافة إلى شركة إعلانات في بيروت.

حضور الفوز بقوة في المشهد الاقتصادي السوري الذي يعمّه الخراب، كان في عام 2017 حين دخلت شركة الفوز “أمان القابضة” في شراكة مع شركة حكومية وأسستا معًا شركة (أمان دمشق)، التي حصلت على عقد لبناء ثلاث ناطحات سحاب وخمس مجمعات سكنية في عقد يقدر بثلاث مئة واثني عشر مليون دولار.

وشركة (أمان القابضة) هي شركة كبيرة ذات أصول متنوعة، يقدر رأسمالها بحوالي 840 مليون دولار حتى بعد العقوبات الأوروبية، نتيجة لنشاطات نظام الأسد في إعادة الإعمار.

رجل أعمال دمشق فاحش الثراء الذي أسس ثروته بالاستناد إلى اقتصاد الحرب، خصته صحيفة (اللوموند) بتقرير حرره مراسلها من بيروت بنجامين بارت، ونشر في آذار/ مارس الماضي.

جاء في تقرير الصحيفة الفرنسية القول: “قليلون هم السوريون الذين ابتسمت لهم الحرب الأهلية في سورية.. يعد رجل الأعمال البالغ من العمر 45 سنة، الذي كان يُشرف على إدارة مجموعة عائلية صغيرة متخصصة في استيراد الإسمنت قبل اندلاع الصراع في سنة 2011، أحد أهم شخصيات الأوليغارشية النافذين في سورية. وبعد أن كان غير معروف في أوساط مجتمع الأعمال قبل ثماني سنوات، أصبح فوز اليوم يسيطر على قطاعات بأكملها من الاقتصاد الوطني، أو ما تبقى منه على الأقل، على غرار تجارة القمح وإنتاج الصلب وتجميع المركبات”. يضيف التقرير: “في ظل أمة تعيش وسط الخراب، كوّن الفوز إمبراطورية كاملة، وقد مكنه ذلك من اكتساب لقب “رامي مخلوف الجديد”، في إشارة إلى ابن خال الرئيس بشار الأسد، الذي اعتُبر في بداية العقد الحالي بمثابة زعيم الاقتصاد السوري. وكان صعود فوز اللامع، الذي تزامن مع أصعب فترات حياة الغالبية العظمى من السكان، نتيجة عوامل مختلفة، بما في ذلك قربه من العائلة الحاكمة التي تمثل الموزع الأول للامتيازات، وقدرته على الغوص في المياه المضطربة لاقتصاد الحرب. فضلًا عن العقوبات الدولية التي لم تكن دائمة التناسق والتي تسببت في استبعاد العديد من منافسيه من المشهد الاقتصادي. وبسبب تميزها بنقاط غموض كثيرة، تعد مسيرة هذا الأربعيني، الذي يُنظر إليه على أنه انتهازي ووقح، رمزًا للحيل التي أنقذت نظام الأسد من الإفلاس”.

“الأوليغارش السوري” سامر الفوز يحمل إلى جانب جنسيته السورية، الجنسية التركية، وكان قد سعى للحصول على الجنسية اللبنانية أيضًا، وأثارت قضيته جدلًا كبيرًا في لبنان العام الماضي.

وُلد الفوز في عام 1973 في منزل سني في اللاذقية، وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي، ذهب للدراسة في الجامعة الأميركية في باريس، قبل أن يواصل تعليمه في جامعة “ماساتشوستس” في بوسطن، ومن ثم “سان دييغو” في كاليفورنيا.

ويواجه سامر الفوز اتهامات بالعبث بالأدلة في تركيا، في قضية تتعلق بمقتل رجل أعمال أوكراني مصري. وفي التفاصيل، بحسب صحيفة (اللوموند) أنّه في سنة 2015، وفي تركيا، نجح الفوز في الخروج من قضية قتل غامضة، تمثلت في اغتيال رجل الأعمال الأوكراني من أصول مصرية رمزي متّى، حيث اكتشفت جثته مقطعة في غابة بإسطنبول. وسبق للقتيل (متّى) أن دخل في صراع تجاري مع الفوز بلغت قيمة معاملته نحو 14 مليون دولار. بعد ذلك، تم إيقافه وإدانته بالسجن لأربع سنوات، قبل أن يتم إخلاء سبيله وطرده من البلاد بعد دفع كفالة تُقدر بنحو 500 ألف إلى ثلاثة ملايين دولار.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق