حذّرت الأمم المتحدة من “مخاطر” تهدد المنطقة باستمرار “تصعيد القتال في إدلب”، في الوقت الذي تمسكت فيه روسيا بالعملية العسكرية التي يشنها النظام بدعم منها على (مثلث الشمال) وزعمت أن “مواجهة الإرهاب” لا تتعارض مع اتفاق سوتشي بينها وبين الجانب التركي.
جاء ذلك خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء، بطلب ألماني بلجيكي كويتي، بغية بحث ملف إدلب، وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أمس: “إنني قلق للغاية إزاء تصاعد حدة القتال في إدلب”.
وعدّت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري دي كارلو، خلال جلسة مجلس الأمن، أن “استمرار القتال في إدلب بات يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي”، مضيفة أنه “لا بد من توافر إرادة سياسية جماعية للتوصل إلى حل، وبخاصة أن العنف لم يتوقف رغم الدعوات المتكررة للتهدئة”.
بدوره، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، خلال الجلسة ذاتها: إن “بعض المستشفيات لا تكشف مواقعها للأطراف المتحاربة، لأن هذا يجعلها أهدافا”، وأشار إلى أنه “منذ أواخر نيسان/ أبريل، أكدت منظمة الصحة العالمية أن 26 واقعة تسببت في إلحاق أضرار بمنشآت صحية في شمال غرب سورية”، وتابع: “إن قصف منشأة كشفت عن إحداثيات موقعها بموجب نظام منع الاشتباك الخاص بالأمم المتحدة أمرٌ غير مقبول البتة. عدد من الشركاء الآن يشعرون بأن تقديم الإحداثيات الجغرافية للأطراف المتحاربة يجعل منهم أهدافا”، بحسب وكالة (رويترز).
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قال أمس في تصريحات للصحافيين: إن “الموقف جد خطير مع ازدياد عدد اللاعبين هناك (في إدلب)، والمدنيون هم الذين يدفعون الثمن”، مشددًا على أن “مكافحة الإرهاب يجب أن تتوافق مع القانون الإنساني الدولي”، وناشد “ضامني مسار أستانا، خاصة تركيا وروسيا، العمل على استقرار الوضع في إدلب دون إبطاء”، وفق ما نقلت عنه وكالة (الأناضول) التركية.
في المقابل، تمسك الجانب الروسي بالعملية العسكرية في إدلب، ووصفها بأنها “ضرورة”، كما اتهم الغرب بأنه يسعى “من خلال منبر مجلس الأمن، لتقديم صورة مشوهة للأحداث التي تحصل في إدلب”.
وقال ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا: إن العمليات التي ينفذها النظام في إدلب “ضرورية”، وأضاف خلال جلسة مجلس الأمن أن “مذكرة سوتشي نفذت بالكامل، وجميع الأعمال القتالية التي تجري تمليها الضرورة للرد على استفزازات الإرهابيين”، وتابع -بحسب وكالة (سبوتنيك) الروسية- أن “المذكرة الروسية التركية لا تحظر محاربة الإرهاب، بل تشجعه”، على حد قوله.
وعدّ المسؤول الروسي أن “السيطرة على إدلب يجب أن تعود للحكومة السورية”، وزعم أن “منصة أستانا هي عملية فعالة واحدة لتسوية الأزمة السورية”، ولفت إلى عزم بلاده “استمرار الالتزام بالاتفاق مع أنقرة”، وفق ما نقلت قناة (روسيا اليوم).
ممثل النظام في مجلس الأمن بشار الجعفري تمسك أيضًا بالعملية العسكرية، وقال خلال جلسة مجلس الأمن: إن سبب المشكلة في إدلب هو “استمرار النظام التركي وشركاؤه بتقديم شتى أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية والتملص من التزاماته بموجب اتفاق خفض التصعيد وتفاهمات أستانا وسوتشي”، على حد قوله.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر إعلامية أن الجيش التركي بعَثَ تعزيزات عسكرية إلى الحدود السورية، مؤلفة من وحدات القوات الخاصة (الكوماندوز)، وذلك من أجل دعم القوات الموجودة هناك، لا سيما مع زيادة حدة التوتر بين النظام والأتراك، على خلفية استهداف الأول نقاط مراقبة تركية في محافظة إدلب.
ميدانيًا، ذكر (المرصد السوري لحقوق الإنسان) أن 55 عنصرًا على الأقل من المعارضة والنظام سقطوا خلال اشتباكات عنيفة مستمرة بين الطرفين، وصرّح مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة (فرانس برس) بأن “اشتباكات عنيفة اندلعت فجر الثلاثاء، إثر هجوم شنته هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) وفصائل مقاتلة أخرى ضد مواقع لقوات النظام في ريف حماة الشمالي”، وتسببت هذه الاشتباكات في مقتل 41 عنصرًا من الفصائل المعارضة و14 عنصرًا من قوات النظام.
إلى ذلك، كشف رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري، أمس الثلاثاء، أن الهيئة رفضت طلبًا روسيًا للقاء، وقال خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة السعودية الرياض عقب انتهاء اجتماعات الهيئة: “أخبرنا روسيا بما يجري في إدلب، ومسؤولياتها المباشرة في المنطقة الشمالية، وبأن الهيئة جاهزة لاستمرار المشاورات للوصول إلى حل سياسي، عندما يتوقف القصف على الأهالي في إدلب”، مطالبًا الدول الشقيقة بدروها من أجل إيقاف الهجمة على إدلب، والاستهداف المباشر للمدنيين.