ينشغل الفلسطينيون، قيادةً وشعبًا، في المرحلة الراهنة، بالأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية التي تتخذ من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة عاصمة مؤقتة لها، خاصّة بعد الاجماع الفلسطيني على مقاطعة “ورشة عمل المنامة” الاقتصادية ورفض “خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام”، المعروفة إعلاميًا بـ “صفقة القرن”. إضافة إلى تصريح رئيس وزراء السلطة محمد اشتية، أخيرًا، لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية الذي أكد فيه أنّ انهيار السلطة أمر محتمل، خلال نحو شهرين.
المتابع للشأن الفلسطيني يرصد تلاحق الأحداث التي تشير في مجملها إلى أنّ الوضع الفلسطيني يسير نحو المزيد من التدهور والتشظي والانقسام، وبالتالي الانهيار. ولمعرفة ما يمكن أن يكون عليه واقع الحال مستقبلًا استطلعت (جيرون) آراء عدد من الكتّاب الصحفيين والمحللين السياسيين من فلسطين المحتلة والشتات، موجهة إليهم الأسئلة التالية: هل ترون أنّ انهيار السلطة الفلسطينية سيكون في أجل قريب، كما تُظهر عديد التقديرات والمؤشرات الفلسطينية والإسرائيلية؟ وبرأيكم ما هو الممكن عمله لمنع أو لنقل تأجيل هذا الانهيار الكارثي؟ وهل من بدائل فلسطينية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ فكان هذا التحقيق الذي اختلفت فيه الأطروحات..
بداية تحقيقنا كانت مع الكاتبة الصحفية رولا سرحان، رئيسة تحرير صحيفة (الحدث) الصادرة في مدينة رام الله، التي أجابتنا قائلة: إنّ مفهوم الانهيار، مفهوم مطاطي قابل للتكييف والملاءمة، من حيث الاستخدام إعلاميًا وفق الأجندة السياسية، سواء من قبل السلطة الفلسطينية أو من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة الأميركية، فعلى سبيل المثال تبرر الولايات المتحدة الإعلان عن الشق الاقتصادي من (صفقة القرن) في مؤتمر البحرين، بذريعة منع الانهيار الوشيك للسلطة الفلسطينية، بينما المراد من الأمر هو تمرير خطة سلام اقتصادي على حساب الحقوق الفلسطينية. في المقابل وبحسب تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد اشتية، لصحيفة (نيويورك تايمز) التي قال فيها: (إنّ مسألة انهيار السلطة هي أمر محتملٌ خلال نحو شهرين، وإن السلطة قد تلجأ إلى تسريح عناصر من الشرطة)، فإنّنا نستطيع أن نتلمس محاولات الضغط الفلسطيني عبر التلويح بإمكانية عدم استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي تُعتبر ورقة الضغط الوحيدة التي تملكها السلطة الفلسطينية التي ألقت بكل أوراقها على الطاولة، ولم تستفد من وسائل ضغط أخرى كانت قد تشكل فارقًا في طبيعة مواقف السلطة وقياداتها.
وأضافت سرحان: الانهيار، إن كان وشيكًا أو غير وشيك، هو مسألة لا يملك ظروف تحققها الفلسطيني وحده، بل هي خاضعة لمجموعة من الاعتبارات أهمها المصلحة الإسرائيلية في البقاء على الوضع الرث الحالي للكيانية المشوهة للهوية الفلسطينية، فهي الوضع الأمثل الذي يمكن لـ “إسرائيل” من خلاله تمرير ما تريد في ظلِّ وجود فلسطيني ضعيف لا يستطيع كبح جموح تحقيق حلمها بامتلاك أرض فلسطين الكاملة الخالية من شعبها.
وتابعت: إنّ منع انهيار السلطة، ومنع حصول مزيد من التشظي، يقتضيان اتّخاذ قرار شجاع وجريء وعملي من قبل الفصائل الوطنية والقوى المؤثرة في المجتمع المدني، يتمثل في الدعوة لعقد المجلس التشريعي، الذي تم حله، ليتم تعديل القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، بحيث يتم تغيير شكل النظام السياسي الحالي من نظام سياسي تفسره حركة (فتح) على أنّه “نظام رئاسي”، بينما تفسره حركة (حماس) بأنّه “نظام برلماني”، بينما هو نظام سياسي مختلط، ليتحوّل عبر التوافق السياسي إلى نظام يعتمد شكل المجلس الرئاسي يكون مؤلفًا من القيادات المشار إليها، يُمنح شرعية اتّخاذ قرارات على مستوى القرار الوطني، بما فيها الإعلان عن انتهاء اتفاق أوسلو، والإعلان عن برنامج مقاومة “مناهض للاحتلال” بكل السبل والطرق الممكنة، ويتم عقد استفتاء شعبي بتفويض هذا المجلس، بالتالي يتم تجديد شرعية القيادات الفلسطينية، وتعزيز الموقف الفلسطيني التمثيلي دوليًا وتخطي معضلة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وعقبة المصالحة.
إدارة حالة عصيان مدني ضدّ الاحتلال
من مدينة رام الله أيضًا، يحدثنا الكاتب والمحلل السياسي عبد الغني سلامة عن إمكانية حلّ السلطة الوطنية، وتداعيات تلك الخطوة، فيقول: لم تكن السلطة الوطنية بحدِّ ذاتها في ذهن القيادة الفلسطينية هدفًا تسعى له، بل هي حالة انتقالية تمهد لقيام الدولة المستقلة، ومع وجود الأزمة السياسية الراهنة، فإنّه لا مناص أمام القيادة من طرح خيارات جديدة، مع التأكيد على أنّ الخيارات المطروحة أمامها، خيارات صعبة وخطرة، وقد تأتي على عكس ما تخطط له تمامًا، ذلك أنّه بعد أكثر من عقدين على بدء العملية السلمية، طرأت على المنطقة تغييرات جذرية غيرت من خارطتها السياسية، وأوجدت حقائق ومعطيات جديدة على الأرض بالغة التشابك والتعقيد، شملت بنية النظام السياسي الفلسطيني، وخطابه، وتحالفاته، وشبكة علاقاته الدولية. يتابع قائلًا: بداية، وبحسب تصريحات القيادة فإنّ خيار حلّ السلطة غير وارد، والمقصود من وراء التهديدات والتلميحات بحلها هو تسليط الضوء على الحالة الفلسطينية الراهنة، ووصف السلطة بأنّها بلا سيادة، ومسلوبة الصلاحيات، وتعمل تحت سيطرة الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى تفريغها من محتواها، وأنّ هذا الوضع مرفوض ولا يمكن القبول باستمراره.
يضيف سلامة: فكرة حلّ السلطة، فكرة انتحارية وانهزامية للذات الفلسطينية، تقوّض المنجزات الوطنية الفلسطينية على الأرض، وتعيد النضال الوطني الفلسطيني إلى المربع الأوّل. وبدلًا من حلّ السلطة، يمكن تغيير صيغة علاقتها الوظيفية والأمنية مع “إسرائيل”، أي إلغاء الاتّفاقات الاقتصادية المجحفة (بروتوكول باريس)، ووقف التنسيق الأمني، وبهذا المعنى ستقوم السلطة بإدارة حالة عصيان مدني ضدّ الاحتلال. أي إشهار السلطة كتحدٍّ يرمز إلى الكيانية السياسية للفلسطينيين، ويرسخ نزعتهم للتحرر من الاحتلال. وأردف: قد يكون قرار حلّ السلطة من أخطر القرارات التي يمكن أن تّتخذها القيادة الفلسطينية، ذلك لأنّه سيترك آثارًا بالغة الأهمية، ستطال بتأثيراتها المنطقة بأسرها ولأمد طويل، والاحتمال الأوّل والبديهي بعد حلِّ السلطة هو قيام “إسرائيل” بإعادة احتلال الضفة الغربية، وإعادة الإدارة المدنية والحكم العسكري. وتحت حجة فرض النظام ستعمد لضرب فصائل العمل الوطني المختلفة، وستشنّ حملة اعتقالات واسعة للحيلولة دون إعادة إحياء خيار المقاومة، وستواصل جهودها القديمة في خلق قيادة بديلة، ولإنجاح هذا الخيار فإن “إسرائيل” ستسعى إلى اعتماد سياسة الفوضى المنظمة، من خلال خلق البلبلة وإثارة الفتن والنـزاعات الداخلية، وعندما تحلُّ الفوضى في الشوارع، سيأتي الانفلات الأمني على الأخضر واليابس؛ فمن غير المتوقع بعد تفكيك أجهزة الأمن الفلسطينية وإلغاء القضاء والمحاكم أن تسود حالة من السلم والأمان. فالفراغ الأمني يؤدي عادة إلى انتشار الجريمة، وتزايد الاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة، التي لن تجد من يوقفها هذه المرّة. حينها يصبح إيجاد قيادة بديلة مقبول شعبيًا ومطلوب إقليميًا. وخطورة ذلك هو أنّ حلَّ السلطة كإطار سياسي رسمي سيرافقه غياب للحاضنة الشعبية، والمرجعية السياسية، في ظلِّ تهميش وضعف دور منظمة التحرير الفلسطينية. وهذا قد يؤدي إلى حلِّ المنظمة نفسها.
الاحتمال الثاني، يقول سلامة: هو إحياء خيار دول الجوار، أي الخياران الأردني والمصري، عبر أشكال وأنماط جديدة. وهنالك احتمال التدويل، أي خيار نقل الملف الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، والطلب منها تحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني. وهو خيار فاشل، ومن الغباء المراهنة على أخلاق الأمم المتحدة. وهنالك احتمال صعود حركة (حماس) إلى منصة تمثيل الشعب الفلسطيني، وما يتيح لها لعب هذا الدور، هو حديثها المتواصل عن تمثيلها للشعب الفلسطيني، بعد نجاحها في الانتخابات التشريعية (2006)، وطموحها المعلن في استلام منظمة التحرير ووراثتها عن حركة (فتح).
حلُّ السلطة يعني أن ليس أمام “إسرائيل” شريك لصنع السلام، وبالتالي ستعمل على تنفيذ مخططاتها وتحقيق رؤيتها للحلِّ النهائي من دون أن يزعجها أحد، فإذا كانت “إسرائيل” تواصل بناء المستوطنات، وتبني على الأرض حقائق مادية وتفرضها كأمر واقع مع وجود السلطة والعملية السلمية، فإنّ غياب السلطة سيوفر لـ “إسرائيل” المناخ الملائم لإتمام مشروعها الاستيطاني. وربما تضم كل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية قبل أن يبلور المجتمع الدولي أيّ حلّ.
أوسلو.. فضاء من وهم أفضى “بدولة المعازل”
من مدينة حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، يؤكد الناشط الحقوقي المحامي حسن عبادي، في حديث إلى (جيرون) أنّ المفاوضات الوهميّة والعبثيّة بين الفلسطينيين وحكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة، قلبت المعايير على الساحة الفلسطينية. مبيّنًا أنّ انتفاضة الحجارة كانت فضاءً من الطهارة والنقاء وسطوع المغامرة، وكان نتاجها الحيرة الأوسلويّة؛ المبادرات الخبيثة والتطبيع وبناء وهم ولحظات سكر، ووطن الأناقة السياسية والواقعية في غرف المفاوضات المغلقة المكيّفة الذي كان نتاجه مشروع دولة من إسمنت ومنح وقروض وتمثيلات مُختلّة ومُشوّهة.
أضاف عبادي: لقد عادت قيادة منظمة التحرير من الشتات، بأضغاث أحلام تجسّدت على أرض الواقع بأجهزة أمنيّة متعدّدة الأسماء والألقاب والمواهب، وشبه الوزارات والحكومات والمجالس في وطن من وهم وفرقة وطنية وعبث وفراغ يعاني أهله من أزمة مُزمنَة في كلّ وعلى كلّ صغيرة وكبيرة. وأردف: قلبت تلك المفاوضات الوهميّة والعبثيّة المعايير على الساحة الفلسطينية، الأحزاب والفصائل صارت انتهازية في زمن الردّة الفكرية والتخبط، فتغيّرت الأحوال، ضاعت تلك اللُحمة في الغربة الشتاتية وأدّت إلى حالة من الاحتراب الداخلي على وهم وخذلان في التيه وصراعات ونزاعات مريضة، هكذا تصارعوا على وهم، ثم أقسموا على تقسيمه، فصار هناك قطاع مُحاصر وطنيًا ودوليًا مما أضعفه ليقوّي الحصار الصهيوني، وضفة مزدحمة بمستوطنات تنبت بسرعة الفطر البرّي والطرق الالتفافية، مثقوبة كالجبنة السويسرية ينخرها الفساد، ووظيفتنا أن نتقاتل على من يحرس بوابة السجن لـ “إسرائيل” وترويض المقاومة.
أصبح التنسيق الأمني شغل سلطة أوسلو الشاغل، وهو المعيار وسيّد الموقف، على حساب الثوابت الوطنيّة ممّا زاد الشرخ بينها وبين الشعب، أبناؤها يزدادون فقرًا وزلمها يزدادون امتيازات وثراء، قويت “الطبقة الكومبردوريّة” المنتفعة من الاحتلال والفُتات الذي تحظى به مقابل خدماتها وتنسيقها الأمني ومصلحتها تصبّ هناك، بعيدًا عن حلم الوطن وتحقيقه.
يختم الناشط الحقوقي حديثه معنا قائلًا: باتت المصلحة المشتركة بين دولة الاحتلال وبين رموز السلطة الأوسلويّة والعلاقة “التعايشيّة” “السمبيوزيّة” هي سيّدة الموقف، فالوطن يختنق بأصحاب المصالح ذوي الضمائر التي باتت في سبات عميق لتصبح وطنيّة رابحة حصّتها ومدخولها بالدولار أو اليورو، تعمل وفق أجندة وشروط “إسرائيل” وأعوانها لمكافحة التمرّد والمقاومة، وجوهره السيطرة على السكان وتصفية المتمرّدين باتّباع أساليب جديدة أكثر “نعومة”، من أجل حسم المعركة، وتنفيذ مشروع تفكيك للمجتمع متجاهلين حقيقة وقوع فلسطين تحت الاحتلال وضرورة العمل والتخطيط لتحريرها من ذاك الاحتلال البغيض، وبالتالي تحطيم الانتماء الوطني والقومي. وما دامت المصلحة المشتركة قائمة وتخدم مصالح “إسرائيل” بثمن بخس تدفعه مقابل ذاك التنسيق فلا خوف على السلطة الأوسلويّة، والحلّ هو إعادة المفاتيح واستبدالها بمفاتيح العودة وهبّة شعبيّة ضد الأوسلويّين.
(تثوير) سلطة أوسلو أو حلها
رأى الكاتب والمحلل السياسي رجب أبو سرية، المقيم في القاهرة، أنّه منذ توقيع اتّفاق إعلان المبادئ المعروف باتّفاق أوسلو عام 1993، الذي قامت على أساسه السلطة الفلسطينية، ومآلها أو مستقبلها، هو محلّ صراع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث كان الجانب الفلسطيني يسعى، من خلال الانتقال من المرحلة الانتقالية إلى الدائمة، للانتقال بسلطة الحكم الذاتي إلى مكانة الدولة المستقلة، فيما سعت “إسرائيل” لأن تكون السلطة هي نهاية المطاف، وأن يتم تأبيد المرحلي وذلك من خلال عدم نقل الأراضي المصنفة (ج) إلى (ب) أو (أ)، وكذلك من خلال عدم التقدم بالتفاوض إلى الحلِّ الدائم.
وبعد ربع قرن من اتّفاق أوسلو، لم تتحوّل السلطة إلى دولة، حيث إنّ “إسرائيل” تمنع انهيارها، إلى أن تنضج الظروف لكيلا تضطر إلى بديل أسوأ، مثل ضم السكان وليس الأرض، فيما منظمة التحرير ترفض أن تعلن حلَّ السلطة، لأنّها ما زالت ترى فيها إنجازًا وطنيًا، وهكذا فإنّه ما لم تعلن القيادة الفلسطينية عن حلِّ السلطة، فإنّ “إسرائيل” ستمنع انهيارها إلى حين.
الآن ومنذ العام 2014، وصل التآكل في العلاقة بين السلطة و “إسرائيل” إلى حدود قصوى، ومنذ أشهر، أي منذ رفضت السلطة استلام أموال المقاصة منقوصة من رواتب الشهداء والجرحى، صار هناك احتمالًا جديًا بانهيار السلطة، لذا فإنّ “إسرائيل” تقوم بتعزيز السلطة المدنية، فيما تحاول السلطة أن تمنع الانهيار دون الاستسلام بالطبع، للمحيط العربي.
انهيار أو حدوث تحوّل في السلطة بات أمرًا وشيكًا، لكنه سيكون مرتبطًا بحدث سياسي، من نمط ترتيب إسرائيلي – عربي لإدارة معازل الضفة الغربية، بعد رحيل أو ترحيل رئيس السلطة محمود عباس، من أجل مواجهة ذلك حتى لا يكون الفلسطينيون بين خيارين، إما الاستسلام أو البقاء بواقع الحال، وبقاء زمام المبادرة ومستقبل السلطة بيد “إسرائيل”، لا بدّ من (تثوير) السلطة وجعلها أقرب إلى مجالس الحكم المحلي في سبعينيات القرن الماضي، في حين كانت تريدها “إسرائيل” روابط قرى، أي الانتقال بالسلطة من المكانة البيروقراطية إلى مكانة الجبهة الوطنية المتحدة، بحيث تقود الكفاح السياسي بالخارج، والمقاومة الشعبية في الداخل، وهذا يحتم عليها أولًا أن تضع حدًّا للانقسام الفلسطيني – الفلسطيني، بين حركتي (فتح) و(حماس).
فيما يرى الباحث والكاتب أحمد الدبش، المقيم في السويد، أن لا بوادر لانهيار السلطة، لعدّة أسباب، أهمها أنّ انهيار السلطة سيشكل كابوسًا للعدو الصهيوني، وذلك بعودة الأوضاع إلى ما قبل اتّفاق أوسلو. وهذا خيار مستبعد إسرائيليًا، لأنّ انهيار السلطة يعني عودة قوات الاحتلال إلى كل المدن والمخيمات في الضفة الغربية واستلام المسؤولية الأمنية كاملة، وهذا يعني انتهاء التنسيق الأمني، وهو ما لا تريده “إسرائيل” ولا تقبل به، والأكيد أنّه ليس من ضمن أولوياتها، بعد أن حوّلت السلطة الفلسطينية إلى مؤسسة أمنية وأفرغتها من مضمونها السياسي.
وأضاف: انهيار السلطة يعني تحمل كل تبعات الاحتلال، مثل الخدمات الحياتية من بلديات وكهرباء ومياه وصرف صحي، إلى المسؤولية عن الصحة والتعليم … إلخ، وهذه الخدمات تقدر بحوالي ثلاثة مليار دولار. ولهذا أقول إنّ انهيار السلطة ليس خيارًا “إسرائيليًا”. ومن هنا، أرى أنّ الخيار الأمثل فلسطينيًا، هو الذهاب إلى حلِّ السلطة الفلسطينية، وإنهاء وجودها، وتحمل العدو التبعيات الأمنية والاقتصادية، وإعادة القرار للشارع الفلسطيني، والدعوة إلى اشعال فتيل الانتفاضة الثالثة، وهذا يتطلب موقفًا وطنيًا فلسطينيًا موحدًا، بالعودة الى الميثاق الوطني الفلسطيني قبل إلغاء بنوده، وتكرار تجربة انتفاضة العام 1987.