سلايدرقضايا المجتمع

ماذا يحدث في المستوطنات الإسرائيلية بعد الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية في الجولان المحتل؟

تتغير الصورة على أرض الواقع في المستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، بعد أن شكّل الجولان، بالنسبة إلى الإسرائيلي، لسنوات طويلة، هضبة استراتيجية عسكرية، تنطلق منها القذائف والصواريخ، باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في شمال الجليل، ومكانًا يهدد أمنهم وحياتهم واستقرارهم وانتعاشهم الاقتصادي.

بعد السنة الثانية والخمسين من الاحتلال الإسرائيلي، وبعد 36 عامًا من قانون ضم “إسرائيل” للجولان، وثلاثة أشهر من الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية، يسعى قادة المشروع الصهيوني لتحويل الجولان المحتل تدريجيًا إلى “سويسرا إسرائيلية”، في ظل غياب الجولان وابتعاده من الأولويات الوطنية السورية، واقتراب “إسرائيل” من هيمنتها على الأرض والمياه والخيرات وعواطف البعض القليل من السكان.

السكان السوريون في الجولان، والبالغ عددهم اليوم نحو 26.500 ألف نسمة، وهم موزعون على خمسة قرى سورية بقيت بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ما زال معظمهم يعيش على الأوهام التي يُكررها النظام في كل مناسبة وكل حكاية، منذ انتفاضتهم الشعبية التي فرضت نفسها على إعلامه وخطابه وشعاره الاستهلاكي، بعد أن طمأن السوريين بأنه حرر الجولان في اتفاقيات الأسد/ كيسنجر عام 1974، متناسيًا -عن قصد وسوء نية- مأساة سكانه المهجرين من قراهم، وحكاياتهم وقصصهم وبساتينهم وينابيع مياههم وأنهرهم وأوديتهم، وشهداءهم ومعتقليهم، وأملاكهم وذكرياتهم وتاريخهم العريق فوق ثرى هذه الأرض الطيبة التي سقطت من دون قتالٍ فعليّ في العام 1967.

هزائم تلو الأخرى عاشها الوطن السوري أكثر من خمسين عامًا، تركت بصماتها على سكان الجولان المهجرين من بيوتهم وقراهم، وعلى السكان الذين تجاوز عددهم المليون سوري في الشتات، واستحوذ على تاريخهم ومكانهم المستوطنون الإسرائيليون الذين نهبوا الأرض وما عليها وما فيها من نعم وخيرات، بما وفرته لهم أكاذيب النظام السوري على شعبه، من هدوء واطمئنان لهم ولأجيالهم.

من خلال جولة ميدانية في المستوطنات الإسرائيلية، قام بها فريق إعلامي إسرائيلي للجولان حديثًا، التقى فيها عددًا من قادة الاستيطان ومستوطنين إسرائيليين، أجمعوا -على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية- على أن الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان “كانت له أصداء مؤثرة لدى أبناء المستوطنين من مواليد الجولان، الذين يعيشون في مركز ووسط إسرائيل، واليوم يعودون إلى الجولان سكانًا دائمين مع عوائلهم وأولادهم، ويرغبون في الاستفادة من الأراضي الجديدة لبناء بيوت لهم، ومزارع صغيرة ليستكملوا حياتهم داخل الجولان”.

أمير يغئال، الرئيس التنفيذي لمؤسسة (جولان) الاقتصادية، قال: “لقد عملنا بشكل مكثف أخيرًا على تغيير صورة الجولان النمطية في الذهنية الإسرائيلية، وإننا في هذا الصدد نحقق نتائج رائعة جدًا تدعو إلى التفاؤل، فهناك المئات من الإسرائيليين يريدون الانتقال إلى الجولان، وقد أنهوا معاملات تسجيل طلب الاستيطان، ونحن في المراحل الأخيرة لتسليم الأراضي لبناء بيوتهم، ضمن مشروع “تعال إلى الجولان وابنِ بيتك”.

شركة الجولان الاقتصادية التابعة للمجلس الإقليمي للمستوطنات تعمل، إضافة إلى مشاريعها الاستيطانية في الجولان، على تسيير خط المواصلات الأكبر والوحيد (راما) في الجولان، ليضمن تسهيل حياة 26.500 إسرائيلي، منهم (18.500 في مستوطنات الجولان، و8000 في مستوطنة كتسرين وحدها) إضافة إلى 26500 مواطن سوري، يعيشون في خمس قرى في شمال الجولان، وجميعهم يعيشون على هذه الأرض الجميلة والرائعة في مساحة 1200 كلم2، وتقوم شركة المواصلات بتسيير نحو 10.000 رحلة شهريًا، بمعدل 400 رحلة يوميًا، تشمل نقل طلاب المدارس، والمسافرين في كافة أنحاء الجولان وخارجه.

يضيف يغئال: “الرئيس ترامب رفع مستوى التفاؤل لدينا، بإعلان الاعتراف بهضبة الجولان، بلا شك، يرافق هذا الاعتراف إقامة المستوطنة التي وُضع حجر الأساس لها في وقت سابق من هذا الأسبوع، وهي (هضبة ترامب)، بحضور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقبل انتهاء العمل فيها أصبح لدينا مئات طلبات الاستيطان من أشخاص يرغبون في السكن فيها، من داخل إسرائيل وخارجها، حيث رفعت سقف الآمال لديهم، بمستقبل أكثر أمانًا، وأكثر هدوءًا، وبخاصة في ظل المشاريع التنموية التي يشهدها الجولان، التي تشرف عليها الشركة الاقتصادية، لتوفير حياة صحية آمنة للسكان، من خلال مشاريع الطاقة الخضراء، لتوفير بيئة نظيفة للسكان، ومزارع الطوربينات الهوائية في منطقة الروم وتل الفرس، التي يصل حجم الاستثمار فيها إلى نحو مليار شيكل، إضافة إلى مشاريع الطاقة، مثل منشأة الغاز الحيوي التي تنتج حوالي 2 ميجاوات من النفايات العضوية من الحظائر ومصانع النبيذ وغيرها.. هذا بالإضافة إلى أن هناك مشروعًا آخر مهمًا للبنية التحتية، يتم العمل به في الجولان، وهو محطات ضخ الطاقة ومصادر المياه في المنطقة والمستوطنات، لإنتاج الطاقة الهيدروليكية أثناء الظلام، من خلال استغلال أشعة الشمس نهارًا، وضخ المياه على ارتفاعات عالية ومتدفقة”.

المسؤولة عن السياحة في المجلس الإقليمي للمستوطنات الإسرائيلية، قالت: “كنتُ قبل ثمانية أعوام من سكان منطقة الشارون في وسط تل أبيب، وكان لدي أنا وزوجي وظائف لائقة وشيّقة، وضغوطات كثيفة، وعمل دائم، وكل شيء يمتلكه سكان المركز في إسرائيل، ثم في ذات يوم لم أعد أحتمل نمط وأسلوب الحياة التي أعيشها، في ظل القلق على الأطفال في الملعب والشارع، والضجة والكثافة السكانية والازدحام الذي لا يطاق، فضلًا عن الجرائم والسرقات وعدم الشعور بالأمان الشخصي، وأدركتُ أن استمرار الحياة هناك أصبح مستحيلًا، اليوم بعد انتقالي للجولان أمتلك حياة مختلفة تمامًا، في ظل مستوى معيشة لائق وهادئ، لم أعد قلقة على الأطفال، فنحن هنا نعيش بأجواء أكثر رخاء واطمئنانًا، في هدوء مادي ونفسي واجتماعي، وشعور بالأمان”.

وأضافت: “خلال العشر سنوات الماضية، تضاعف عدد سكان الجولان اليهود بشكل ملحوظ، وبخاصة لدى الأبناء الذين تركوا الجولان والتحقوا بعد الخدمة العسكرية بحياة المركز الصاخبة، لكن المئات منهم يعودون اليوم بقوة وبحماس إلى الجولان ويطرقون أبواب الاستيطان، إلى جانب الجيل الأول والثاني من المستوطنين الإسرائيليين، حيث وصلوا في أفضل الأوقات إلى المشاريع التي بناها الآباء وأصبحت كبيرة وتحتاج إلى الرعاية، انظر إلى مزارع العنب والكرز والتفاح ومزارع الدواجن والأبقار وعشرات المعامل والمصانع والطاقة البديلة، إضافة إلى علوّ شأن المشاريع السياحية والمراكز الرياضية والترفيهية والثقافية”.

من جانب آخر، قال ليور روشمان، نائب رئيس قسم التطوير في الشركة الاقتصادية: “إن مرتفعات الجولان تتحول إلى واجهة سياحية دولية، ونحن بحاجة إلى تسليط الأنظار أيضًا على السياحة المحلية الإسرائيلية”، وأضاف: “يحظى الجولان اليوم باهتمام عالٍ من الدول الأوروبية، ودول أخرى حول العالم، على الرغم من أننا بعيدون من الوصول إلى فئات عديدة من المجتمعات الأوروبية، بسبب افتقارنا في الجولان إلى مطار دولي، لكننا نستطيع استقبال مجموعات سياحية صغيرة نسبيًا، من أنحاء مختلفة من العالم”.

رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات الإسرائيلية في الجولان حاييم روكاح أبدى تفاؤلًا كبيرًا في رؤيته، حيث تضاعف عدد السكان في الآونة الأخيرة، ويأمل أن يتضاعف عدد السكان في العقد المقبل، مع المحافظة على الطابع الاستيطاني الريفي للجولان، وقال: “في الأشهر الثلاثة الماضية، منذ إعلان الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، شهد المجلس الإقليمي اهتمامًا كبيرًا من قبل مستثمرين دوليين، أبدوا رغبة في إنشاء مشاريع تنموية واقتصادية في الجولان، مَن يشكك في جدية وأهمية هذا الاعتراف الأميركي، فقد أصبح لدينا 257 طلبًا للسكن في المستوطنة الجديدة، و70 عائلة أنهت الإجراءات الإدارية والقانونية المطلوبة للاستيطان، بينهم عائلة واحدة من كندا، ومن أجل التعامل مع ضغط طلبات الاستيطان، تم افتتاح دائرة جديدة للتسجيل، للتعامل مع المهتمين والراغبين في الانتقال إلى الجولان، حيث ستُوفر لكل عائلة قطعة أرض بمساحة نصف دونم ضمن برنامج (ابنِ بيتك في الجولان) الذي يُعد أكبر مشروع استيطاني في الجولان السوري المحتل، ويقدم امتيازات كثيرة ومشجعة للسكان القادمين الجدد، تبدأ بالقروض ونسبة الفائدة المنخفضة، وتنتهي بقطعة أرض من دون مقابل، وبمساحة تراوح بين الدونم ونصف الدونم، مع بنية تحتية وحاجات أخرى لتساعد المستوطن على بداية البناء فور تسلمه قطعة الأرض.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق