بحث الجانبان التركي والأميركي، أمس الثلاثاء، ملفّ المنطقة الآمنة شرق الفرات، في العاصمة التركية أنقرة، وعلى الرغم من أن هناك مؤشرات على تفاهمات تركية أميركية حول ضرورة حماية أمن تركيا، ووجود منطقة آمنة شرق الفرات، فإن تلك التفاهمات لم تكتمل، ولا سيما مع وجود تباينات بين الطرفين حول طبيعة المنطقة، عمقها، والقوى المسيطرة عليها. في حين قال مسؤول في (مجلس سوريا الديمقراطية/ مسد) إن رؤيتهم للمنطقة الآمنة أن تكون بعمق 5 كم، ولا وجود تركيًا فيها.
وذكرت وزارة الدفاع التركية، في بيان لها عقب اللقاء، أن مسؤولين عسكرين من الجانبين، اجتمعا في مقر الوزارة “لمناقشة إنشاء منطقة آمنة شمالي سورية”، مشيرة إلى أن الاجتماع جاء “عقب تفاهم بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، والمبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري”.
ووفق الوزارة، فإن آكار شدد لجيفري على “مسألة إقامة منطقة آمنة شرق نهر الفرات”، كما نقل آكار للجانب الأميركي “انزعاج أنقرة” من لقاءات يجريها مسؤولون أميركيون مع مسؤولين في (قوات سوريا الديمقراطية/ قسد) حيث ترى تركيا أن هناك “ضرورة” في أن تكون المنطقة الآمنة “بالتنسيق بين تركيا والولايات المتحدة”، إضافة إلى “إخراج” عناصر (قوات سوريا الديمقراطية) من تلك المنطقة، و”تدمير التحصينات فيها”، و”سحب الأسلحة الثقيلة” من القوات، و”تهيئة الظروف المناسبة لعودة أشقائنا السوريين المُهجرين إلى منازلهم”، بحسب ما نقلت وكالة (الأناضول) أمس الثلاثاء.
وكانت تركيا قد أعلنت في وقت سابق أن القوات التركية، عند المنطقة المتاخمة للحدود السورية، قامت بتدمير سبعة أهداف داخل الجانب السوري، وذلك ردًا على إطلاق قذيفتين على ولاية شانلي أورفا التركية.
كما تقوم تركيا في الآونة الأخيرة بإرسال تعزيزات إلى الحدود السورية التركية، من ناحية شرق الفرات، ولفتت أنقرة إلى أنها تستعد لدخول المنطقة من أجل تأمين حدودها، وهو ما عدّه البعض رسالة تركية إلى واشنطن، من أجل تعجيل التوافق حول المنطقة الآمنة.
رياض درار، الرئيس المشترك لـ (مجلس سوريا الديمقراطية)، قال في حديث إلى (جيرون) إن لدى المجلس “موقفًا معلنًا حول المنطقة”، موضحًا أنهم يرون “أن تكون بعمق 5 كم”، ويقوم بإدارتها “أبناء المناطق، كشرطة محلية”، كما ستقوم (قوات سوريا الديمقراطية) بالانسحاب “إلى نقاط أبعد”، و “ستسحب الآليات الثقيلة”.
وأضاف درار أن المنطقة الآمنة “تكون مراقبة من قبل دول التحالف”، وأكد أن “لن يكون هناك وجود للجيش التركي في هذه المنطقة”، وتابع: “الجيش التركي يمكن أن يحمي المناطق من حدوده، وليس من داخل الأراضي السورية”.
من جهة أخرى، قال عمر كوجري، عضو اللجنة المركزية لـ (الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا)، في حديث إلى (جيرون) إن “من الواضح أن حزب الاتحاد الديمقراطي سيبتعد عن الحدود التركية”، ورأى أن “المنطقة الآمنة ستكون أعمق من 5 كيلومتر”، مرجحًا أن “يوافق على ذلك حزب الاتحاد الديمقراطي”، وأضاف: “نحن -كمجلس وطني كردي- موافقون على المباحثات التي تتم اليوم، بين واشنطن وأنقرة، بهذا الخصوص”، وعقّب: “تركيا لن تقبل أي وجود لـ (وحدات حماية الشعب) في المنطقة”.
وتابع: “واشنطن لديها علاقة استراتيجية كبيرة مع أنقرة، وهو ما ليس موجودًا في علاقتها مع (قوات سوريا الديمقراطية)، مرجحًا أنه بناء على ذلك فإن “واشنطن لن تتخلى أن أنقرة”، كما أنه “دون موافقة تركية على المنطقة الآمنة التي تضمن لها مصالحها الأمنية، لن ينجح هذا الملف”، ومشيرًا إلى أن “تركيا تستعد لحرب، إذا لم يتم ما تريد”.
وقبل يومين، اجتمع في مدينة عين العرب (كوباني) كلّ من قائد المنطقة الوسطى في القيادة المركزية لقوات التحالف الدولي الجنرال الأميركي كينيث ماكينزي، والسفير الأميركي الخاص لدى قوات التحالف الدولي وويليام روباك، مع قائد (قوات سوريا الديمقراطية) مظلوم عبدي، وقياديين آخرين في الأخيرة.
وقال عبدي، في تصريحات نقلتها صحيفة (الشرق الأوسط) إن “جدول أعمال النقاش مع ماكينزي تمحور حول الوضع الأمني على الحدود المشتركة مع تركيا، والتنسيق المشترك، ومناقشة الخطط المستقبلية، وتبادل وجهات النظر مع قادة التحالف الدولي”.
وأضاف: “وجهات نظرنا مع الشركاء في التحالف الدولي كانت متطابقة إلى حد كبير”، وتابع: “لدينا اتفاق مع الولايات المتحدة في ما يخص الحرب ضد (داعش) وهي الآن في مناطق الرقة ودير الزور”، ونبّه إلى أنه في حال حدوث هجوم تركي على مناطق شرق الفرات الخاضعة للقوات، فإن الأخيرة ستنسحب “إلى المناطق الحدودية، وحدوث ذلك يعني توقف الحرب على (داعش)، وهذا سيضر بالاتفاق”، على حد قوله.
تعليق واحد