سلايدرقضايا المجتمع

داعشية الطوائف والمذاهب

تعاقدت بلدية (جبيل) لبنان، مع فرقة فنية تعمل تحت “مشروع ليلى”، وهو عمل فني وُصف بأنه جيد، ولكن دواعش المسيحيين أعطوه تفسيرات عدة، كلّ بحسب هواه، ليعملوا على إلغاء هذا الحفل في بلد من المفروض أن يكون هو بلد الحريات الوحيد في المنطقة، قبل أن ينقضّ عليه دواعش الشيعة المتحالفون مع التيار المسيحي الداعشي، تيار ميشيل عون وصهره. وتُبيّن لنا الوقائع أن الداعشية موجودة لدى كل مذاهبنا وطوائفنا، حيث تبرز داعشيتنا عند أي محك طائفي أو مذهبي.

عرف العالم كله وحشية وبربرية (داعش)، فتنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام/ داعش) هو إفراز من إفرازات الحروب العراقية، والحرب السورية، وهو تنظيم مرعب، وُجد لكي يُرهب الناس ويقمعهم. وتميز تنظيم (داعش) بأن من ينتمون إليه هم من المسلمين السنّة، ولا بد من التأكيد أن المسلمين السنة لا يوافقون -لا من قريب ولا من بعيد- على الأعمال البربرية لهذا التنظيم، الذي أزال الحدود ما بين العراق وسورية، تحت رايته.

هناك سؤال يُطرح: هل “الداعشية” موجودة فقط عند المذهب السنّي؟ أم لدى كل المذاهب والطوائف؟ والرد على هذا السؤال أن الداعشية، كمدرسة سياسية، موجودة لدى كل الطوائف والمذاهب، ولا نستثني أي طائفة من الطوائف التي تتكاثر في منطقة الشرق الأوسط وتوابعها.

أول رد على وجود (داعش) كان ردة الفعل الشيعية، حيث برزت في العراق تنظيمات متعددة، كلها تنظيمات تحمل تسميات “أهل البيت”، فأبو الفضل العباس له تنظيم، وزينب لها تنظيم، وفاطمة الزهراء لها تنظيم… وقد أرهبت تلك التنظيمات الشعب في العراق وسورية، حيث قتلوا ونهبوا باسم الحسين، وكأن الحسين قد خرج من بين القبور ليدفعهم إلى أعمال إرهابية كهذه، ولا بدّ هنا من أن نذكر أن هذا التأجيج جاء نتيجة ردة فعل من الشيعة على ممارسات صدام حسين ضدهم.

أعادت (داعش) المنطقة سنوات سحيقة البعد في التاريخ، ليتخندق كل واحد منا وراء طائفته، والروح الداعشية هي السائدة لدينا كلنا. فالحروب الأهلية التي بدأت كحروب شبه وطنية، تحولت إلى حروب ما بين الطوائف. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أفرزت الحرب الأهلية اللبنانية عدة تنظيمات تحمل الفكر الداعشي، فعندما يدخل مسيحيو الكتائب والقوات اللبنانية، بغطاء أسدي، إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في كل من تل الزعتر والضبية، ليختموها بجريمة مخيّم صبرا وشاتيلا، التي شهدت فظائع، تفوق جرائم (داعش)، حيث كان عدد القتلى الذي شهدته هذه المجزرة -بحسب الصحافي الفرنسي الإسرائيلي أمانون كابليوك- أكثر من عشرين ألف ضحية، ذُبحوا بدم بارد! أفلا يُصنّف ما حدث في تل الزعتر والضبية والكرنتينا وصبرا وشاتيلا، بالعمل الإرهابي الداعشي؟! وكردة فعل على هذه الحرب الأهلية، خرج من ضلع حركة (أمل)، تنظيم سياسي داعشي، هو تنظيم (حالش) أي “حزب الله” الشيعي، الذي شكل مشروعه السياسي بأسلمة لبنان، إرهابًا لباقي الطوائف، وإسلامية هذا التنظيم هي على المذهب الشيعي بكل تفرعاته، ودخل إلى الحرب السورية وحجته الداعشية هي الحفاظ على الأماكن الدينية الشيعية في سورية، ليقتل أهل الشريط الحدودي الموازي للبنان، ويهجر أهله، وذلك باسم فاطمة وزينب والحسين.

ما حدث في الحرب اللبنانية، والحرب السورية، شهد العراق مثله، فكانت ميليشيا “الحشد الشعبي”، بكل تنظيماتها لا تختلف قيد أنملة عن تنظيم (داعش)، فقد تشكلت ميليشيا الحشد، بالاسم، للقضاء على (داعش)، ولكنها في الحقيقة كانت تعمل من خلال هذه الحرب على إرهاب باقي المذاهب والطوائف، وبخاصة السنّة منهم. عندما تسمع قيس الخزعلي، وهو متزعم منظمة “عصائب الحق”، يقول إنهم جاؤوا إلى سورية لكي ينتقموا من أحفاد احفاد يزيد بن معاوية، مرجعين إيانا إلى 1400 سنة. ماذا يختلف هذا الخزعلي، عن ذاك البغدادي، أو الجولاني، أو حسن نصر الله، أو جبران باسيل، أو وئام وهاب، وكلهم بالمحصلة داعشيون!!

إن هذا التعصب المذهبي، بغض النظر عن انتمائه، نما بسبب دعمه من قِبل الاستبداد المتحكم في المنطقة منذ سنوات عديدة، الذي نشّط الفكر الداعشي لدى كل الطوائف، أضف إلى ذلك أن هذه الأنظمة المستبدة مارست الإرهاب الفكري والسياسي والعملياتي، وقد غيّب الموت هذا الأسبوع سفاحًا من سفاحي الإرهاب الأسدي، ألا وهو الضابط المتهور علي ديب، الذي ارتكب مجزرة تدمر، وشارك في مجزرة حماة، وغزا لبنان إلى آخر تلك الجرائم الداعشية.

الحديث عن الداعشية لدى الطوائف يطول، حيث إن الداعشية، سواء الفكرية أو التنظيمية، مصنوعة على صورة ومثال الأنظمة الدكتاتورية، وهي غالبًا ما تكون قد طُبخت في مطابخ الأجهزة الأمنية، التي تمارس إرهابًا على الناس، لا يختلف شيئًا عن إرهاب (داعش).

بالمحصلة؛ عقولنا كلنا تحمل جرثومة (داعش) والداعشية، وإذا ذكرنا بعض المذاهب، فهذا لا يعني أبدًا أن باقي الطوائف ليست بداعشية. والقضاء على (داعش)، فعلًا لا قولًا، يكون بالعمل على المساعدة في تبني القضاء على الأنظمة المستبدة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق