تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

من بلدية موسكو إلى الانتخابات الإسرائيلية… الأسد مسترخٍ

في الوقت الذي كان فيه بشار الأسد ينتشي بهتاف مناصريه، مبتسمًا في يوم ميلاده بـ “دار الأوبرا”، كانت طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي تحطّ في منتجع سوتشي الواقعة على البحر الأسود، ويعقد اجتماعًا مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، حليف الأسد في حربه ضد الشعب السوري، وقال نتنياهو في طريقه للقاء بوتين: “إن هدف اجتماعه مع الوزير الروسي تعزيز التفاهم والتنسيق بين الجيشين الإسرائيلي والروسي في سورية”، وقال نتنياهو في طريقه لعقد اجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين: إن “التنسيق بين جيشينا مهم جدًا وعلينا تعزيزه”.

وفي غمرة “سعادة” مناصري الأسد بميلاده، كان الطيران الروسي يستأنف تنفيذ جرائم الغارات والعدوان على إدلب. بدا الأسد في الصورة ضاحكًا يرتب بدلته، وبجانبه كل الأسرة، وكأن شيئًا لم يحدث منذ ثمانية أعوام.

لكن أهمية زيارة نتنياهو لبوتين، في هذا التوقيت، أنها تأتي بعد يوم من إعلانه نيته ضمّ منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، وحديثه عن أهمية “مواصلة الحفاظ على حرية العمل التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي، وسلاح الجو، ضد أهداف إيرانية في سورية”، وقال: “هذه هي زيارة مهمة للغاية، نعمل حاليًا على أكثر من ساحة في محيط عبارة عن 360 درجة من حولنا، من أجل ضمان أمن إسرائيل، إزاء المحاولات التي تقوم بها إيران والجهات الموالية لها لمهاجمتنا، فنحن نعمل ضدها”.

حليف الأسد بوتين التزم الصمت حيال كل الإجراءات العدوانية التي تقوم بها حكومة الاحتلال، إن كان في المجال والجغرافيا السورية، أو في ما يتعلق بالجغرافيا الفلسطينية، وكما يعرف الطرفان الروسي والإسرائيلي أن الاستراتيجية المتفق عليها بعيدة كل البعد ممّا يشاع في وسائل الإعلام عن فتور العلاقة بينهما التي أثبتت وقائع أحداث الفترة الماضية متانتها وقوتها، طالما أنها تحافظ على المصالح المشتركة الممثلة بالحفاظ على رأس النظام ووظيفته في دمشق، أما البقية فهي تفاصيل لا يعتد بالتعويل عليها لشرخ العلاقة، كما يتوهم أتباع معسكر الممانعة.

وبات من المعروف أن الاحتلال الإسرائيلي، في تناوب غاراته على المواقع الإيرانية والميليشيا الموالية لها في سورية ولبنان والعراق، لا يزعج موسكو، طالما أنه لا يهدد مصلحة وجود النظام بالنسبة إلى الطرفين، كما أُعلِن في أكثر من مناسبة، ويعتقد الاحتلالان الروسي والإسرائيلي أن المجال السوري حيوي لهما، وزيارة نتنياهو تأتي لانتزاع حرية أكبر، في مجال تنفيذ الضربات في سورية، ولا علاقة لها بالأجواء الانتخابية الإسرائيلية التي يحاول البعض الترويج لمأزق نتنياهو فيها، وسواء أكان هناك مأزق أم لا، فبوتين والأسد ونتنياهو، يسترخون على حطام السوريين وعلى جرائم متراكمة، مع فارق أن تهريج رأس النظام السوري بُعيد كل الحطام والجرائم، يكشف فائدة التنسيق والمجال الحيوي الذي يتقاسمه الروسي والإسرائيلي في سورية.

لم تعد العلاقة الروسية الإسرائيلية، واستثمارها المربح في الحفاظ على الأسد، مسألة استنتاج، ولا هي مستندة إلى أخبار وتقارير صحفية، كما أنها ليست مستقاة فقط من أربعة أعوام تاريخ “عاصفة السوخي” وجهد مشترك داعم للأسد ولجرائمه، إنما اقترن كل ذلك، بأدلة دامغة تؤكد كل الأطراف المحتلة في سورية، على مختلف جنسياتها وألوانها، أنها ساعدت وما زالت تساعد الأسد في ارتكاب الجرائم، والتغطية عليها، من واشنطن إلى الصين، ومن أعلى القطب الشمالي إلى أسفله، توّج النفاق العالمي بالصمت الرهيب، حيال حرب الإبادة المتكررة في كل زاوية من زوايا المدن والقرى السورية.

من أجل ذلك كله، يختار نتنياهو سوتشي الروسية وجهةً له، قبل أسبوع من الانتخابات الإسرائيلية، لم يقصد واشنطن واللوبي وآيباك، ونظرًا لما تمثله وظيفة الاحتلال الروسي والإسرائيلي لبعضهما البعض، فإنهما يدركان أهمية سيطرة الأسد واستمراره، فسواء جرت الانتخابات الإسرائيلية وخسر نتنياهو، أو فقد بوتين أغلبيته في العاصمة موسكو، المهم أن وظيفة الأسد الجرمية باقية، وأثرها المسيطر هو الأهم في تل أبيب وواشنطن وموسكو ولندن وباريس وبودابست، حتى لو أصاب القلق الجميع، فالأسد مسترخٍ على الجرائم.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق