سلايدرقضايا المجتمع

آلاف الأطفال قد يُحرمون من التعليم في شمال غرب سورية

أدّت الحملة العسكرية الأخيرة التي بدأها النظام وروسيا، على منطقتي شمال حماة وجنوب إدلب، خلال الأشهر الماضية، إلى حرمان آلاف الطلّاب من مدارسهم، نتيجة القصف المستمر على المنطقة وسيطرة قوات النظام على أجزاء واسعة فيها، وتسببها في تهجير كل سكان المنطقة إلى شماليّ إدلب، إضافة إلى استهداف المراكز التعليمية فيها، وخروجها عن الخدمة.

وبحسب إحصائية صدرت أمس الاثنين، عن الفريق الميداني في (منسقو الاستجابة في الشمال السوري)، بلغ عدد المدارس التي استهدفتها قوات النظام وروسيا، منذ شباط/ فبراير حتى 16 أيلول/ سبتمبر الجاري، أكثر من 116 مدرسة، ضمن المجمعات التربوية التابعة لمديريتي إدلب وحماة، بنسبة دمار وصلت إلى 5 بالمئة في بعضها، وأخرى خرجت عن الخدمة بالكامل.

وبلغ عدد الطلاب المتضررين بسبب النزوح أكثر من 191,233 طالبًا وطالبة، بعضهم التحق بمدارس شمال إدلب، والبعض الآخر لم يلتحقوا بالمدارس بعد، لعدم توفر أبنية أو مخيمات مؤهلة للتعليم، في أمكنة وجودهم بالتجمعات العشوائية. وأشارت إحصائية (منسقو الاستجابة) إلى أن “القدرة الاستيعابية للمدارس المتبقية في إدلب، تبلغ نحو 318,670 طالب وطالبة، في 653 من إجمالي عدد المدارس في شمال إدلب، بينما بلغت نسبة المدارس الممتلئة بالنازحين، والواقعة ضمن الخدمة، 31 بالمئة”.

أطفال نازحون مع عائلاتهم في إحدى مدارس شمالي إدلب

تسعى مديريتا التربية في إدلب وحماة، إلى إيجاد حلول للحد من تسرب الطلاب من التعليم، لا سيما الموجودين في التجمعات العشوائية، وذلك من خلال إحداث خيام صفية مجهزة بالمقاعد والألواح، بدعم من بعض المنظمات التعليمية العاملة في المنطقة، إضافة إلى إخراج النازحين من المدارس، ونقلهم إلى مراكز الإيواء من أجل سير العملية التعليمية.

وفي هذا الشأن، أكد محمد الحسين، معاون مدير تربية إدلب، لـ (جيرون) أن “تربية إدلب تعمل بكل إمكاناتها، على مواكبة الظروف لاستيعاب جميع الطلاب في المدارس، حيث وجهنا قرارات إلى جميع المجمعات التربوية التابعة للمديرية، لاستقبال جميع الطلبة النازحين من مناطق جنوب إدلب وشمال حماة، حتى الذين لا يملكون وثائق تُثبت المرحلة التعليمية التي وصلوا إليها”، موضحًا أن “مدارس شمال إدلب سوف تنقسم إلى فوجين (صباحي ومسائي) لاستيعاب الكم الهائل من أعداد الطلاب، إضافة إلى اعتماد وسائل أخرى، كاستخدام المساجد للتعليم، عند وجود ضرورة”.

وتابع الحسين: “خلال الأسابيع الماضية، وجّهنا كتابًا إلى المجالس المحلية في مدن وبلدات ريف إدلب الشمالي، من أجل تعاونهم مع المجمعات التربوية، لإيجاد سكن بديل للنازحين عوضًا من المدارس التي يقطنون فيها، ونقلهم إلى مكان آخر مؤهل للسكن، من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب”.

وأضاف الحسين: “كذلك نسعى إلى تأمين بعض المستلزمات الدراسية من خيام ومقاعد وألواح في التجمعات العشوائية، وذلك من خلال تواصلنا مع المنظمات والهيئات الإنسانية، لكننا حتى اللحظة لم نتلق منها سوى الوعود”. وأشار إلى “وجود عدد من الصعوبات والتحديات التي تواجهها مديرية تربية إدلب، وعلى رأسها توقف الدعم عن المعلمين من قبل منظمة (كومينكس) التي كانت تدعم أكثر من 7278 وظيفة تعليمية، موزعين على قرابة 794 مدرسة، واقتصار الدعم على 310 مدارس في الحلقة الأولى، لكن ليس بتغطية كاملة، وبالتالي هنالك 4400 وظيفة تعليمية، سيتوقف الدعم عنها، وسينعكس الأمر سلبًا على 500 مدرسة مهددة بالتوقف، وسيتضرر أكثر من 160 ألف طالب وطالبة في الحلقة الثانية والثالثة، وهذا الأمر سوف يضعنا أمام كارثة حقيقية كبيرة”.

في السياق ذاته، قال الأستاذ معن، مسؤول دائرة الإعلام في تربية حماة، لـ (جيرون): “بعد موجة النزوح الأخيرة لأهالي ريف حماة، قمنا بإحصاء التجمعات العشوائية التي يقطن فيها طلاب ريف حماة في ريف إدلب الشمالي، ودراسة تكلفة إنشاء مدارس فيها، أو على الأقل تأمين خيام أو كرفانات مدرسية”. وأشار إلى أن “المديرية تواجه معوقات كبيرة، وبخاصة في المخيمات والتجمعات العشوائية، إذ نحتاج إلى تجهيز أرض المدرسة، سواء أكانت خيامًا أو كرفانات، إضافة إلى تأمين المقاعد والألواح والقرطاسية، وتأمين رواتب المعلمين في هذه المدارس”.

أطفال يتلقون تعليمهم في أحد التجمعات الشعوائية

من جانب آخر، قال رافع عبد المعين، طالب ثانوي (16 عامًا) من بلدة كفرنبودة شماليّ حماة، لـ (جيرون): “خرجنا من منزلنا قبل شهرين، واتجهنا إلى مناطق شمال إدلب، واتخذنا من أرض زراعية مسكنًا لنا، إضافة إلى ما يقارب 140 عائلة، بينهم أكثر من 100 طفل، تراوح أعمارهم بين 6 سنوات و17 عامًا، جميعهم كانوا يتلقون تعليمهم، قبل حملة التصعيد الأخيرة على المنطقة”.

وأضاف عبد المعين: “نحن بحاجة إلى مراكز تعليمية، لكي يتمكن جميع الأطفال من متابعة دراستهم، إضافة إلى تأمين مستلزمات المدرسة من دفاتر وكتب وقرطاسية، فمعظم العائلات فقيرة، وليس لديها القدرة على شراء مستلزمات أطفالهم”.

وناشد الطالب عبد المعين “حكومة الإنقاذ ومديرية التربية، والمنظمات المهتمة في الشأن التعليمي، النظر إلى حال المجمعات العشوائية في ريف إدلب الشمالي، والعمل على تأمين الظروف المهيأة لكي يتابع الأطفال تعليمهم، والتخفيف من وطأة الظروف التي عصفت بهم”.

حول توقف الجهات المانحة عن تقديم الدعم لمديريات التربية في إدلب وحلب وحماة، حذّر فريق (منسقو الاستجابة في الشمال السوري) في بيان أصدره أمس الاثنين، من “العواقب الكارثية المترتبة عن إيقاف الدعم المقدم للقطاع التعليمي، وسط  مخاوف من تسرب أكثر من 350 ألف طالب، في جميع المراحل التعليمية، موزعين على أكثر من 840 مدرسة، وبالتالي ازدياد حالات عمالة الأطفال”.

وطالب البيان جميع الجهات المانحة للقطاع التعليمي في الشمال السوري، بتقديم الدعم لتلك المؤسسات، وخاصة في ظل ما تشهده المنطقة من عمليات نزوح ضخمة، وتدمير منهجي للمنشآت التعليمية من قبل النظام السوري والحليف الروسي، التي تجاوز عددها أكثر من 115 منشأة تعليمية، خلال الحملة العسكرية الأخيرة على مناطق شمال غربي سورية.

وسبق أن أصدرت منظمة (أنقذوا الأطفال) في سورية بيانًا، الأسبوع الماضي، قالت فيه: “إن الأطفال في شمال غرب سورية يواجهون صعوبة في الحصول على التعليم والالتحاق بالمدارس، نتيجة التصعيد العسكري الأخير من قبل قوات النظام، الذي تسبب في تضرر 87 منشأة تعليمية، إما بشكل كامل أو جزئي، إضافة إلى استخدام أكثر من 200 مدرسة حاليًا، كملاجئ للأشخاص الذين فرّوا من القصف، الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل العملية التعليمية في المنطقة”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق