- أوساط سياسة وعسكرية إسرائيلية تحذر من خطة حربية لزعيم (الليكود) تحمي مستقبله السياسي
انتهت بعد ظهر يوم الجمعة 27 الشهر الحالي، جولة جديدة من المفاوضات الائتلافية بين حزب (الليكود) الذي يقوده رئيس وزراء العدو الإسرائيلي ووزير الأمن، اليميني بنيامين نتنياهو، وتحالف (أزرق أبيض) “كاحول لافان” بقيادة الوسطي بيني غانتس (الرئيس السابق لهيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي)، في محاولة للتوصل إلى اتّفاق على تشكيل حكومة وحدة، بعد أربع ساعات من المباحثات، من دون التوصل إلى أيّ تفاهمات.
واتفق طاقما التفاوض على أن يتم استئناف المفاوضات خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما شدّد ممثلو (الليكود) على أنهم يوافقون على أن تكون خطة الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، قاعدة للتفاوض.
خطة الرئيس ريفلين، بحسب موقع (عرب 48) الإلكتروني، تقضي بتشكيل حكومة وحدة مع اتّفاق تناوب بين نتنياهو عن (الليكود)، وغانتس عن (أزرق أبيض)، وفي حال تقديم لائحة اتّهام ضدّ نتنياهو في قضايا فساد مالي وسوء استخدام السلطة، ويتعذر عليه القيام بمهام منصبه، يتسلم غانتس مهام رئيس الحكومة، من دون أن يضطر نتنياهو إلى تقديم الاستقالة من المنصب، وذلك بعد أن بات مصير الأخير على المحك فمنصبه وسلطته من شأنهما دفع مستقبله عن السجن، ولعل هذا ما دفع به للبحث عن صفقات هنا أو هناك، تحفظه من نهاية مأساوية لا يرغب بها.
محللون إسرائيليون بارزون انتقدوا، الجمعة، خطة الرئيس الإسرائيلي لتشكيل حكومة وحدة، يتناوب على رئاستها نتنياهو، وغانتس. وأجمع المحللون أيضًا، على أنّ الأخير، الذي يفضل البعض تعليق الآمال عليه لأسباب تبدو كأنها مبهمة، عديم الخبرة السياسية، وهو شخص ضعيف، وبخاصّة أمام منافسه القوي نتنياهو، وكان سيوافق على خطة ريفلين، فور طرحها في بداية الأسبوع الحالي، لولا المعارضة الشديدة من جانب قادة تحالف (أزرق أبيض) الآخرين الثلاثة، يائير لبيد وموشيه يعالون وغابي أشكنازي، وبشكل خاص لبيد. وفقًا لما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية في تل أبيب، الجمعة.
وكان الرئيس الإسرائيلي أعلن، الأحد 22 من الشهر الحالي، عن بدء مشاورات لاختيار رئيس للوزراء يشكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. تزامنًا مع تأكيد مصادر سياسية محلية في تل أبيب، أنّ العلاقات بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب متصدعة، وذلك عشية حضور المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام جيسون غرينبلات، للتشاور حول إعلان ما سمّي بـ “صفقة القرن”.
المصادر كشفت، أنّ غرينبلات طلب بشكل مفاجئ أن يلتقي مع زعيم تحالف (أزرق أبيض)، بيني غانتس، الذي أصبح حزبه بعد الانتخابات، التي جرت يوم الثلاثاء 17 من الشهر الحالي، القوة السياسية الأولى في المشهد السياسي الإسرائيلي.
- ملجأ نتنياهو الدفع باتجاه الحرب..
محللة الشؤون الحزبية في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، سيما كدمون، رأت أنه “خلال فترة التعذر الطويلة، التي يقترحها الرئيس (ليس لـ 100 يوم كما ينص القانون، وإنما لفترة أطول بكثير)، سيكون غانتس رئيس الحكومة الفعلي، ويتمسك نتنياهو بهذه الصفة وبكافة التشريفات المرافقة. لكن من خلال معرفتنا بالنفوس الناشطة، يسهل تخيل ماذا سيحدث هنا، ومن سيكون رئيس الحكومة بالفعل ومن الذي يتعذر عليه القيام بمهامه. وخلال وقتٍ قصير قد يتحول غانتس من رئيس حكومة فعلي إلى خرقة بأيدي الذي يشد الخيوط، والرجل الأكثر حنكة في المؤسسة السياسية، الذي يواصل التضليل واللعب بالدولة كأنها ساحة ألعابه الخاصة.” في إشارة إلى نتنياهو.
كدمون أضافت، أنّ خطة الرئيس ريفلين تعني أنّ “الشخص المتهم بمخالفات خطيرة مثل الرشوة، الاختيال وخيانة الأمانة، سيواصل عمليًا ولايته تحت غطاء منافق، يتعين على جميعنا أن نكون جزءًا منه… وهذه مرحلة أخرى في طريق نتنياهو إلى الهدف السامي، الذي يُسمى صراع بقاء. أو بكلمات أخرى: كيف يتم إنقاذ رئيس حكومة من ثلاث لوائح اتّهام، فيما جميع الوسائل تقدس ذلك”.
وحول أن غانتس عديم الخبرة السياسية، كتبت كدمون أنه “بعد يومين من الانتخابات، جلس ريفلين ونتنياهو، اللذان بحوزتهما معًا قرابة 100 سنة من الخبرة السياسية، مقابل غانتس الذي بصعوبة توجد بحوزته تسعة أشهر من الخبرة السياسية”.
من جهة أخرى، لفت محلل الشؤون الحزبية في صحيفة (هآرتس)، يوسي فيرطر، إلى أنّ من خلال خطة ريفلين، “أكد رئيس الدولة لأول مرة أنّ رئيس حكومة تحت لائحة اتّهام لا يمكنه البقاء في منصبه، على الرغم من القانون الذي يسمح له بذلك”. لكن المحلل اعتبر أنّ ريفلين طرح خطته من أجل تسهيل انتقال نتنياهو من كرسي رئيس الحكومة إلى كرسي المحاكمة، ومسألة التعذر من أجل تعويض قادة تحالف (أزرق أبيض).
واتفق فيرطر مع كدمون على أنّ نتنياهو سيعمل طوال فترة التعذر على أن يكون رئيس الحكومة الفعلي، من وراء الكواليس، فيما المتعذر عن القيام بمهام رئيس الحكومة سيكون غانتس.
وكانت أوساط سياسية وعسكرية حذرت، وفقًا لتقارير صحفية اطلعت عليها شبكة (جيرون) الإعلامية، من أنّ هنالك قلقًا حقيقيًا في قيادة الجيش وغيره من أجهزة الأمن، بأن يسعى نتنياهو الآن إلى تسخين الأوضاع الأمنية، وإعطاء أوامر للجيش للقيام بعملية عسكرية واسعة أو حرب، في الشمال أو الجنوب.
محرر الشؤون العسكرية في صحيفة (هآرتس)، عاموس هرئيل، أشار الأسبوع الماضي، إلى أنّ قضايا الفساد المشتبه فيها نتنياهو وجلسة الاستجواب ضدّه، ستندمج، بعد أسبوعين، بالجهود الحالية لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، وأنّ قرار المستشار القضائي للحكومة، المتوقع، بتقديم نتنياهو للمحاكمة “سينعكس بالتأكيد على حسابات أطراف المفاوضات الائتلافية أيضًا. لكن في الخلفية، ستتعالى طوال الوقت دقات الساعة الأمنية”.
هرئيل أضاف، فيما لا يزال التوتر الأمني مستمرًا، فإنّ ثمّة خطرًا أن يستخدم الأمن ذريعة.
ووفقًا لمحرر الشؤون العسكرية في الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ “تسخينًا متعمدًا لإحدى الجبهات، مقابل إيران و(حزب الله) في الشمال، أو ضدّ (حماس) و(الجهاد الإسلامي) في قطاع غزة، يمكن أن يخلط أوراق المفاوضات بشكل يسرع تشكيل حكومة طوارئ برئاسة نتنياهو، حتى في سيناريو متطرف، يتم استغلاله لتبرير انضمام فارّين معدودين من تحاف (أزرق أبيض) أو حزب (العمل). فظروف أمنية طارئة شكلت أكثر من مرة سياقًا مريحًا لتشكيل ائتلافات غير متوقعة”.
وأضاف هرئيل أنّ “قادة جهاز الأمن سيحتاجون في الأسابيع المقبلة إلى أعصاب من حديد كي لا ينجرون إلى تصعيد لاعتبارات ليست موضوعية. وهذا السيناريو ليس تآمريًا وليس مفندًا”.
ويواصل الطيران الحربي الإسرائيلي استهدافه لمواقع مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني و(حزب الله) اللبناني و(الحشد الشعبي) العراقي في كل من سورية ولبنان والعراق، في تصعيد مستمر لمستوى المواجهة بين أطراف الصراع، التي باتت تمتد على مساحة المشرق العربي، بعد أن ظلّت مقتصرة، في الأعوام الأخيرة، على استهداف الوجود الإيراني على الساحة السورية. وكان لافتًا في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة إعلان تل أبيب رسميًا عن بعض تلك الهجمات، وتبني بعضها الآخر، كما جاء في تصريحات الناطق بلسان جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، وكذلك التهديدات التي أطلقها كل من نتنياهو، ورئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي، ما يعني خروجًا عن نهج الغموض الذي اتبعته قيادة جيش احتلال العدو في استهدافها إيران وحلفاءها خلال السنوات الماضية.
وبحسب الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، فإنّ نتنياهو يسعى من خلال أيّ تصعيد محتمل، إلى الخروج من أزماته الداخلية وإنقاذ مستقبله السياسي والشخصي.
ووفقًا لدراسة أعدها (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)، نُشرت الخميس، فإنّ نتيجة الانتخابات الإسرائيلية “تُعدّ بمنزلة هزيمةٍ شخصيةٍ لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفشلٍ في تحقيق هدفه الذي حدده عندما قرر حلّ الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في حزيران/ يونيو الماضي وإجراء انتخابات جديدة؛ وهو حصول معسكر اليمين واليمين المتطرف الذي يقوده على 61 مقعدًا على الأقل (من دون أفيغدور ليبرمان وحزبه “إسرائيل بيتنا”)، كي يتمكن من تشكيل حكومة تواصل نهجه السياسي، وتكون قادرة على اتّخاذ القرارات اللازمة لمنع تقديمه للمحاكمة بتهم فساد وسوء استخدام السلطة. لكن عدد مقاعد معسكر اليمين المتطرف الجاهز للتحالف مع نتنياهو تراجع إلى 55 مقعدًا في الكنيست، بعد أن حاز في انتخابات نيسان/ أبريل الماضي 60 مقعدًا؛ ما قد يعني انتهاء حقبة نتنياهو التي استمرت بشكل متواصل لعقد كامل، وربما انتهاء مستقبله السياسي، بإزالة العوائق أمام تقديمه للمحاكمة في 3 ملفات فساد قد تقود إلى إدانته وسجنه”.
- البحث عن “صفقة نجاة”..
مصادر سياسية إسرائيلية مقربة من نتنياهو تؤكد، أنه يعيش حاليًا في حالة هوس هستيري بسبب شعوره بقرب خسارته الحكم. فهو يدرك أنّ تركه منصب رئيس الحكومة يعني محاكمته بتهم الفساد ودخوله إلى السجن. ولذلك ليس عنده هم اليوم سوى إيجاد وسيلة تمنع تطبيق إرادة الناخب الإسرائيلي وتبقيه في الحكم.
واستبعدت تقارير صحفية إسرائيلية نشرت، الأحد، قدرة نتنياهو تشكيل حكومة (يمينية) كما جاء في برنامجه الانتخابي، لا سيما وأنّ الانتخابات أفرزت نتائج غير متوقعة مع صعود الوسط، الذي تزامن مع حصول الأحزاب العربية على المرتبة الثالثة في الكنيست.
في غضون ذلك، أعلن زعيم حزب (إسرائيل بيتنا) أفيغدور ليبرمان أنّ حزبه هو من سيحدد رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبلة، معتبرًا أنّ هناك خيارًا وحيدًا فقط هو حكومة وطنية ليبرالية واسعة تضم (إسرائيل بيتنا) و(أزرق أبيض) و(الليكود).
مراقبون سياسيون محليون رأوا، أنّ رياح الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة جرت عكس ما كان يخطط له نتنياهو، في حين أظهرت النتائج الرسمية، توسع دائرة الأحزاب العربية داخل الكنيست.
وتوقع المراقبون، أنه في حال اتفقت الأحزاب الاسرائيلية على تشكيل حكومة وحدة وطنية عقب الانتخابات، فإنّ ذلك سيجعل من الأحزاب العربية في (إسرائيل) أكبر كتلة غير حاكمة بالكنيست، وربما يمكنها من قيادة المعارضة في الكنيست.
وكانت مصادر إعلامية إسرائيلية كشفت الأسبوع الماضي، عن سعي نتنياهو لعقد صفقة سياسية مع خصومه، بعد أن فشل في تحقيق الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة خلال هذه الانتخابات. وبيّنت المصادر أنّ صفقة نتنياهو كانت تتضمن اعتزاله السياسة مقابل الحصول على عفو في القضايا التي من المحتمل أن يُدان فيها، مشيرةً إلى أنه من المتوقع أن يرفض النائب العام أفيخاي مندلبليت المقترح بشكل حاسم.
واعترف نتنياهو، الخميس، بأنه فشل وسيفشل في تشكيل حكومة يمينية صرف، كما أراد وخطط. وقال: إنه “خلال الانتخابات دعوت إلى تشكيل حكومة يمين. لكن للأسف، تظهر نتائج الانتخابات أنّ هذا ليس ممكنًا. والشعب لم يحسم بين المعسكرين. لذلك لا مفر من تشكيل حكومة وحدة واسعة، واسعة قدر الإمكان، مؤلفة من جميع الجهات التي تعز عليهم دولة إسرائيل”.
ويجمع مراقبون محليون في تل أبيب على أنّ “نتنياهو” يأتي بلعبة جديدة يخادع فيها خصومه.
- دور بارز لفلسطينيي 48 في إسقاط “نتنياهو”..
فلسطينيو 48 داخل الخط الأخضر الممثلون بـ (القائمة المشتركة) التي تتألف من أحزاب عربية حصلوا على 13 مقعدًا، من إجمالي المقاعد البالغ عددها 120 في الكنيست، مما يجعلها ثالث أكبر تكتل، خلف حزب (الليكود) اليميني الذي حصل على 31 مقعدًا، وتحالف الوسط (أزرق أبيض) الذي حصد 33 مقعدًا.
النتيجة السابقة، من شأنها أن تجعل (القائمة المشتركة) أكبر تجمع للمعارضة في البرلمان في حالة تشكيل حكومة وحدة.
يأتي ذلك، في وقت لم يسبق لحزب ينتمي إلى الأقلية الفلسطينية العربية أن شارك في أيّ حكومة إسرائيلية من قبل، لكن في حال أصبح رئيس (القائمة المشتركة) أيمن عودة زعيمًا للمعارضة، فسوف يتلقى إحاطات شهرية من جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) وسيلتقي برؤساء وزعماء الدول الزائرين للدولة العبرية.
مراقبون سياسيون فلسطينيون رأوا، أنّ ذلك سيتيح لفلسطيني 48 داخل الخط الأخضر منصة للتعبير عن شكاويهم من التمييز ضدّهم، ومنصة أكبر للأحزاب العربية التي تختلف مع الأحزاب المنتمية إلى الأغلبية الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.
المراقبون بيّنوا، أنه على الرغم من أنّ (القائمة المشتركة) ستكون أكبر كتلة منفردة، فإنّ أحزاب المعارضة الإسرائيلية الأخرى مجتمعة سيكون لديها عدد كافٍ من المقاعد، لسد الطريق أمام تعيين “عودة” من خلال التصويت بالأغلبية المطلقة.
وكان فلسطينيو 48 في “إسرائيل”، الضحية الأولى لحملة التحريض التي قادها نتنياهو، وهم الذين أفشلوا خطته لتخويفهم وإبعادهم عن صناديق الاقتراع، والحصول على أكثرية 61 مقعدًا. حيث تدفقوا إلى صناديق الاقتراع بنسبة عالية شبيهة بالنسبة العالية التي حققوها في العام 2015؛ إذ شارك منهم نحو 62% (مقارنة بـ 64% عام 2015)، ومنحوا نحو 80% من أصواتهم إلى (القائمة المشتركة).
ومع انخفاض نسبة التصويت عند الإسرائيليين، زادت قوتهم أكثر، إذ حصل أن نفذوا ما وعدوا به في دعايتهم الانتخابية “أصوات أكثر لـ (المشتركة)… أصوات أقل لنتنياهو”، فكان أن ساهموا أكبر إسهام في تقويض نفوذ نتنياهو.
ويُقدر عدد الفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 بحوالي 1.9 مليون نسمة، من إجمالي السكان البالغ عددهم الإجمالي 9 ملايين، وهم يعانون من التعرض للتمييز في الصحة والتعليم والسكن، ويعيشون في مدن مثل الناصرة وعكا في الشمال وبلدات بدوية في صحراء النقب الجنوبية.