تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

من ينقذ العراق؟

منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بحكومة العراق، سلّمته إلى حكومة الملالي في طهران، وكرّس ذلك التسليم منع إياد علاوي (الحاصل على أعلى الأصوات) من تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية، وما زال العراق يتراجع كل يوم، اقتصاديًا وتعليميًا وصحيًا، وعلى جميع الأصعدة، إذ لم يشهد العراق منذ أكثر من عقد ونصف افتتاح مشفى واحد أو مدرسة أو معمل أو جامعة، بل بالعكس تمامًا؛ أُغلقت المصانع وتم تجريف مزارع النخيل وتهجير الأكاديميين، ولم يتم شق أو تعبيد طريق واحد، فكل البنية التحتية العراقية اليوم ما زالت تلك التي أنشأها حكم البعث على مدار عقود من الزمن.

العراق ليس فقيرًا، بل هو أول مصدر للنفط في الشرق وربما العالم، حيث يمتلك أكبر مخزون نفطي على الإطلاق، ويمتلك مساحات زراعية واسعة وثروة حيوانية، وكانت جامعات العراق تُصنّف من أفضل جامعات المنطقة وتُخرِّج الأكاديميين، وكانت كل الظروف مُساعدة لأن يصبح العراق في مصاف الدول المتقدمة في المنطقة.

في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، قرر الشباب العراقي أن يرفع صوته سلميًا في وجه حكام العراق الجدد الذي توالوا على حكم العراق بتعليمات من طهران التي انتهجت سياسات التجويع والتجهيل في هذا البلد، من خلال سرقة ثرواته النفطية، سواء بشكل مباشر من ميناء البصرة أو غير مباشر من خلال الحسابات البنكية لقادة الميليشيات العراقية، حيث يحتفظون بالمال المنهوب من نفط العراق مكدسًا في بنوك طهران.

لم تكن سياسات إيران في العراق يومًا عبثية أو عشوائية، بل كانت مدروسة ومنهجية، فمن خلال التجهيل والتجويع تُؤمّن إيران أعدادًا إضافية من الفقراء الجهلة الذين لا يجدون سبيلًا للحياة إلا من خلال الالتحقاق بميليشيات (أبو مهدي المهندس) و(العامري) و(الخزعلي)، مقابل الفتات الذي بالكاد يسد رمقهم، وبهذا الشكل استطاعت هذه الميليشيات العابرة للحدود في خدمة الولي الفقيه تأمين عشرات الآلاف من أبناء العراق، واستخدمتهم كقتلة مأجورين بعد أن حشت أدمغتهم بكميات كبيرة من العفن التاريخي والأحقاد الطائفية، كسلاح فعال في خدمة أهداف الولي الفقيه في المنطقة. ومن الطبيعي أن تعطي إيران حربها على شعوب المنطقة طابع القدسية، وتلبسه لبوس الدين، كي تستطيع تجييش بعض من أتباع المذهب، ولن تستطيع فعل ذلك إن قالت لهم إن لديها مطامع تاريخية واقتصادية في المنطقة، وإن هدفها هو وصول الغاز الإيراني إلى مياه المتوسط.

في غفلة من التاريخ، وفي لحظة بائسة، تخلى العرب عن العراق، وتركوا بوش الابن الجاهل في السياسة والتاريخ يجتاح العراق ويعبث في تاريخيه ومستقبله، باحثًا عن (يأجوج ومأجوج) كما ذكر الرئيس الراحل جاك شيراك، في حديث له عن غزو العراق، حيث ذكر تفاصيل المكالمة الأخيرة بينه وبين جورج بوش، قبل الغزو بأيام، حيث صارحه جورج بوش الابن بأنه ذاهب إلى العراق للبحث عن يأجوج ومأجوج (حسب الأساطير) وها نحن اليوم نحصد ثمار تلك اللحظة جثثًا ومشردين وفقرًا وجوعًا وجهلًا، ليس في العراق فحسب وإنما في العراق وسورية واليمن بالدرجة الأولى، ولبنان والبحرين في الدرجة الثانية، ولا نعلم من التالي، هل تكون الكويت أم عُمان أو الأردن، حيث أصبحت إيران تسيطر على حدودها الشمالية بأكثر من لبوس.

ما زال العرب محتارين في أمرهم، وما زالت مواقفهم مشرذمة تجاه خصم يتحضر لابتلاع كامل المنطقة بتاريخها وثقافتها وثرواتها، ويحولها إلى مجرد سوق لاستهلاك البضائع الإيرانية الفكرية والاقتصادية، وفي أحسن الأحوال تقاسم النفوذ في المنطقة مع “إسرائيل”. فهل سنشهد صحوة عربية حقيقية، تنقذ العراق وتُحافظ على ما تبقى من المنطقه؟ وهل للعرب أصدقاء حقيقيون في معركتهم هذه؟

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق