يحاول تنظيم (داعش) في محافظة درعا، وهو من بقايا (جيش خالد بن الوليد) الذي كان يتمركز في منطقة حوض اليرموك، إعادة تنظيم نفسه، وإثبات وجوده من خلال تبنيه عدة عمليات اغتيال وتفجيرات استهدفت قوات النظام السوري ومن يواليه، بشكل رئيسي، بعد غياب أي جهة تتبنى العمليات التي استهدفت النظام في الأشهر الأخيرة.
وتعدّ المنطقة الفاصلة بين درعا والسويداء ومنطقة الجيدور شمال محافظة درعا، وهي تضم مدن (إنخل – جاسم – الحارة)، من أهم المناطق التي يحاول تنظيم (داعش) إعادة ترتيب أوراقه فيها، إضافة إلى معقله الرئيس في حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، ومن هذه المناطق المتباعدة يمكن للتنظيم التحرك في مختلف مناطق المحافظة.
قال مصدر خاص لـ (جيرون): “إن اجتماعًا جرى مطلع هذا الشهر في ريف درعا، ضم عناصر من التنظيم ممن كانوا محتجزين لدى المخابرات الجوية ومكتب أمن الفرقة الرابعة وأُطلق سراحهم، وعناصر من فصيل (حراس الدين) المنشق عن (هيئة تحرير الشام) وهو يضم مقاتلين غير سوريين، وتم الاتفاق على آلية للعمل ضد قوات النظام، وعدم الاقتتال فيما بينهما”، مشيرًا إلى أن “هذا التنسيق يعدّ الأول من نوعه بين الطرفين”.
ولفت المصدر إلى قيام عناصر (داعش) في درعا بمبايعة زعيم التنظيم الجديد المعروف باسم (أبو إبراهيم الهاشمي القرشي) الذي تم تعيينه بعد مقتل البغدادي، نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.
تبنّى التنظيم في الأشهر الأخيرة سلسلة عمليات، ولكن لم يتم التأكد إلا من عملية واحدة، كان أحد عناصره الذين أفرج عنهم النظام ضالعًا فيها، وهي عملية اغتيال الشابين: خالد محمد الحشيش، ومصطفى جمال الحشيش، في ريف درعا الغربي، بتاريخ 15 آب/ أغسطس الماضي.
كما تبنى التنظيم عملية تفجير حافلتي مبيت لقوات النظام: الأولى في منطقة تقع بين بلدتي الكرك الشرقي والغارية الشرقية، بتاريخ 31 آب/ أغسطس الماضي، والثانية بين بلدتي سكاكا والدارة بين درعا والسويداء، ونتج عنها سقوط قتلى وجرحى في صفوف عناصر النظام، بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، إضافة إلى تفجير عبوة ناسفة بدورية للشرطة العسكرية الروسية، على الطريق الواصلة بين مدينتي إنخل وجاسم في ريف درعا الشمالي، بتاريخ 11 تشرين الأول/ أكتوبر، نتج عنها إصابة عسكري روسي، وعملية اغتيال الرائد محمد جبور (رئيس قسم أمن الدولة) في مدينة إنخل بريف درعا الشمالي، بتاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي.
يقول مصطفى الحوراني، قيادي سابق في المعارضة المسلحة في درعا، لـ (جيرون): “الجميع بات يعرف أن نظام الأسد يقف وراء معظم عمليات الاغتيال والتفجير التي تحصل في محافظة درعا، فهي إما بتوجيه من المخابرات الجوية ومكتب أمن الفرقة الرابعة التابعين فعليًا لميليشيا (حزب الله) اللبناني، أو بتوجيه من الأمن العسكري التابع بشكل مباشر للقوات الروسية”.
وأضاف: “استطاع أمن الفرقة الرابعة توظيف عناصر (جيش خالد بن الوليد) ممن كانوا محتجزين لدى الفرقة، لتنفيذ عمليات اغتيال بتوجيه منه، فقد تم إطلاق سراح نحو 80 مقاتلًا من التنظيم، بعد اتفاق بينهم وبين الفرقة الرابعة وميليشيا (حزب الله)، في منطقة إيب في اللجاة، منذ عدة أشهر، ونصّ الاتفاق على قيام هؤلاء العناصر بنشر حالة من الفوضى، عن طريق تنفيذ عمليات اغتيال يتم فيها التركيز على بعض الشخصيات المناهضة للوجود الإيراني في الجنوب، إضافة إلى اغتيال شخصيات تتبع لكل الجهات”.
وأوضح الحوراني أن “هذه العمليات تفيد النظام من ناحيتين، فهي تعطيه البراءة من عمليات الاغتيال أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، التي زادت عن 200 عملية منذ سيطرته على المحافظة، كما أنها تجعل المبرر قائمًا لديه لاقتحام أي منطقة في المحافظة في الوقت الذي يريد، بذريعة محاربة الإرهاب، وهذا ما سيفعله في عدة مناطق خلال المرحلة المقبلة، للقضاء على من تبقى من عناصر المعارضة المسلحة ممن يحملون السلاح، حيث تمكن من جمع معلومات كافية عنهم، من خلال مكتب دراسات الجنوب التابع لمكتب أمن الفرقة الرابعة”.
يذكر أن النظام أعلن في آب/ أغسطس من العام 2018، القضاء على تنظيم (داعش)، بعد سيطرة قواته على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، وقتل عدد من قيادات التنظيم وعناصر التنظيم، واعتقال عدد آخر منهم، مؤكدًا عودة الأمان إلى المنطقة.