يعمل النظام السوري، بمساعدة العديد من العصابات التي شكلها في المنطقة الواقعة بين درعا والسويداء، على تنفيذ عمليات خطف لمواطنين من المحافظتَين، منذ عدة سنوات، وقد تعمّدت هذه العصابات إظهار عمليات الخطف على أنها تحصل لأسباب مادية، أساسها طلب مبالغ مالية كبيرة، مقابل إطلاق سراح المخطوفين.
في يوم الأحد الفائت، عثر أهالي بلدة خربة غزالة (في ريف درعا الشرقي) على جثة شاب من السويداء، يدعى إسكندر شامخ أبو زيدان، ملقاة على الطريق الدولي دمشق – درعا، وكان الشاب عائدًا من السعودية، حيث كان يعمل هناك، بعد غياب 5 سنوات، فيما وُجدت سيارته في مقبرة خربة غزالة.
وقال مصدر من (تجمع أحرار حوران) لـ (جيرون): “إن الاتصال قُطع مع أبو زيدان، عند معبر نصيب الحدودي، قبل مقتله بأربعة أيام، ولم ترد تفاصيل عن طلب فدية مقابل إطلاق سراحه، مع العلم أن هذه المنطقة تخضع لسيطرة المخابرات الجوية بالكامل”.
وأكد المصدر أن “ما حصل مع (أبو زيدان) حصل قبل نحو شهرين مع مغترب من أبناء النبك، يدعى عبد الله أسعد، حيث اختفى بُعيد اجتيازه معبر نصيب الحدودي، وبعد عدة أيام، وُجد مقتولًا قرب بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي، فيما وجدت سيارته في مقبرة خربة غزالة أيضًا، وتبيّن أن أسعد كان موقوفًا حينذاك عند المخابرات الجوية”.
وأضاف المصدر: “إن النظام يسعى لخلق فتنةٍ بين المحافظتين، من خلال تأجيج المشاعر بين الأهالي، وتذكية عداء قديم بينهما، غير أن الأهالي يعلمون حقيقة النظام وأساليبه ويفهمون ما يجري، الأمر الذي دفع العصابات التابعة للنظام إلى اتباع أسلوب جديد هو الخطف فالقتل”.
لطالما أثارت مثل هذه العمليات، سابقًا أو حديثًا، مشاعر استياء بين أبناء المحافظتين، ضدّ النظام إذ يعدّونه المسؤول الرئيس عما يجري، خاصة أنه يسيطر أمنيًا وعسكريًا على الجنوب السوري، وتقع مهمة حفظ الأمن على عاتقه، فيما يتذرع النظام بوجود جماعات مسلحة مناهضة له في المحافظتين، منها (رجال الكرامة) في السويداء، وجماعات أخرى، إضافة إلى وجود فصائل أخرى في درعا، واتهامه لها بتنفيذ عمليات خطف واغتيال، تطال ضباطًا وعناصر تابعين له، على طريق درعا – السويداء.
يقول نائل سليمان، ناشط من السويداء، لـ (جيرون): “تمّ تسجيل ما لا يقل عن أربع عمليات خطف، خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، آخرها خطف شخص يدعى (وعد نصر) من مزرعته، في بلدة سميع في ريف السويداء الغربي، على إثر مداهمتها من قبل مسلحين مجهولين”.
وأشار سليمان إلى أن “العصابات التي تقوم بعمليات الخطف تم تشكيلها من قبل العميد وفيق الناصر (رئيس فرع الأمن العسكري السابق في السويداء) وهي تهدف إلى إبقاء محافظة السويداء في حالة توتر دائم مع محافظة درعا، خشية أن يكون هناك اتفاق لمناهضة النظام في الفترة ما قبل العام 2018”.
وأوضح سليمان أن “الهدف الحالي للنظام هو دفع أبناء السويداء إلى اللجوء إليه، لحفظ الأمن، وحل الجماعات المسلحة المناهضة له داخل المحافظة، وإرسال أبناء السويداء للالتحاق بصفوف الجيش، والقتال على جبهات شمال سورية، وهو الأمر الذي يرفضه أبناء السويداء، منذ نحو 3 سنوات حتى الآن”، مضيفًا أن “استمرار عمليات الخطف يمثل مشكلة كبيرة، كما أن تمكين النظام من التحكم مرة أخرى في محافظة السويداء هو مشكلة أكبر، وبذلك يضع النظام أبناء المحافظة أمام خيارين كلاهما سيئ”.
يذكر أن النظام أرسل تهديدات في مناسبات عديدة إلى أبناء السويداء، في حال لم يرضخوا لمطالبه بحل المجموعات المناهضة له، وإرسال أبنائهم للخدمة العسكرية، واستطاع تنفيذ هذه التهديدات عبر هجوم تنظيم (داعش) قبل نحو عامين، واستمرار عمليات الخطف، وفق ناشطين من المحافظة.