اقتصادسلايدر

دعوات شعبية لمقاطعة الـ 2000 ليرة السورية في الشمال السوري

كيف استغل النظام و"تحرير الشام" هذا الأمر لتحقيق مصالحهم؟

 بعد انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، قام النظام السوري مؤخرًا بطرح العملة النقدية من فئة 2000 ليرة سورية بكثافة في الأسواق المحلية، لا سيّما في محافظة إدلب ومناطق ريف حلب الشمالي الخارجة عن سيطرته، الأمر الذي أثار مخاوف وشكوك المواطنين بقيمة هذه العملة لخلوها من الرصيد الدولي، ما دفع بعض الناشطين في إدلب وريف حلب إلى دعوة كافة سكان المنطقة بما فيهم محال الصرافة إلى مقاطعة تلك الفئة واستبدالها بالعملة الأجنبية.

يقول سلام اليوسف، وهو ناشط اجتماعي في إدلب لـ (جيرون): “كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية في محافظة إدلب حول خلو فئة الـ 2000 من الرصيد عالميًا، وأن ضخها بكثرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فقط هو من أجل شراء الدولار والتلاعب في صرفه، لا سيما أن فئة تصريف الدولار عند محال الصرافة في الأسواق كان يقابلها بالصرف فئة 2000 ليرة سورية، الأمر الذي أثار خوف المواطنين أثناء عملية التصريف، ما دفع بعضهم إلى عدم القبول بفئة الـ 2000 أثناء عملية الصرف خشية من أن تكون خالية من الرصيد عالميًا كما يُشاع”.

وأكد اليوسف “أن 90 بالمئة من محال الصرافة في إدلب تتعامل بفئة الـ 2000 ليرة السورية، وإن صحّت الشائعات على أن تداولها محلي فقط لا دولي، فهذا الأمر سينعكس سلبًا على اقتصاد إدلب، وبالتالي يكون النظام قد حقق لعبته في المناطق الخارجة عن سيطرته بضخ تلك الفئة بشكل كبير وسحب الدولار منها، وتوقفه عن التعامل بفئة الـ 2000 ليرة سورية”.

الناشط سليمان الموسوي من أهالي مدينة إدلب، يقول لـ (جيرون): “إن كافة الفئات النقدية المطبوعة من قبل النظام ليس لها رصيد ابتداء من الليرة حتى الـ 2000 ليرة السورية، وهذا الرصيد غير مرتبط بالذهب والثروات الباطنية ولا بالناتج المحلي لكون النظام لا يملك ناتج،  وبالتالي جميع النقود لا قيمة لها”.

وتابع الموسوي: “تعمّد النظام طباعة الـ 2000 ليرة سورية لكون كلفة طباعتها بذات قيمة الـ 1000 والـ 500 ليرة، لذا قام بطبعها وطرحها في أسواق الشمال السوري عبر شركاء له على اعتبار أن الـ 2000 تجلب له 3 دولار أمريكي، بينما الـ 1000 تجلب 1.20 والـ 500 لا تتعدى 0.70 دولار، وبالتالي يكون النظام قد حقق أرباحًا طائلة من خلال طباعة فئة الـ 2000 ليرة السورية التي من الممكن ألا تتجاوز كلفة طباعتها 50 ليرة سورية”.

ويرى الموسوي “أنه من المهم مقاطعة العملة السورية بشكل تدريجي بدءًا من فئة الـ 2000 ، ضمن مدة محدودة يتم من خلالها إيقاف عملية التصدير والاستيراد من وإلى مناطق النظام، وتوفير أسواق لمنتجات المزارعين بالعملة الأجنبية، وتصريف العملة السورية التي يتقاضاها الموظفون المقيمون في إدلب من قبل الدوائر التابعة للنظام في مناطق سيطرته، إما عن طريق شراء بضائع تلزمهم كالمؤن وغيرها أو شراء الذهب، وحينها لن يكون هناك أي تصريف في إدلب لهذه العملة وعموم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام”.

مخاوف لدى تجار الصاغة من الخسارة

عدي العلي، صائغ مجوهرات في إدلب يقول لـ (جيرون): “نحن مجبرون على بيع الذهب بالعملة النقدية المتداولة محليًا سواء كانت 1000 أو 2000 ليرة سورية أو العملات الأجنبية المتوفرة، لكن في المقابل لا نحتفظ بالعملة السورية لليوم الثاني ونقوم باستبدالها بالدولار الأميركي من عند الصرافين في نهاية كل يوم، خشية من انخفاض سعر صرف الليرة وتكبدنا خسارة كبيرة نتيجة الفروقات بسعر الصرف”.

وتابع العلي “بعد الشائعات المتداولة حول فئة الـ 2000 على أنها مزورة وليس لها تصريف خارجي، وإطلاق دعوات لمقاطعتها، امتنعنا عن التعامل بها إلى أن وصلتنا تطمينات من محال الصرافة بأننا نستطيع شراء الدولار باستخدام فئة الـ 2000 ليرة سورية مهما كان المبلغ كبيرًا، وأنهم مسؤولون عن ذلك في حال لم يتم صرفها”.

كيف استفادت “تحرير الشام” من ضخ فئة الـ 2000 ليرة سورية في إدلب:

بعد حملة مقاطعة فئة الـ 2000 ليرة السورية، التي خرج بها المواطنين في إدلب، أصدرت مؤسسة النقد في سرمدا التابعة لـ “حكومة الإنقاذ”، بيانًا قالت فيه: “إن تلك الفئة من العملة السورية متداولة بشكل رسمي، ومن يمتنع عن التعامل بها يتعرض للمخالفة القانونية”.

وأكدت مصادر خاصة لـ (جيرون)، أن “من يرأس مؤسسة النقد هو نفسه مدير (شركة وتد للبترول) التابعة للجناح الاقتصادي في “هيئة تحرير الشام”، ويدعى أبو عبد الرحمن الزربة ويمتلك سوقًا للصرافة على طريق سرمدا- حزانو شماليّ إدلب، ويُعد من أكبر رؤوس الأموال في المحافظة، وهو المسؤول الأول عن (بنك شام) في مدينة إدلب”.

وأشار المصدر إلى “أن المدعو الزربة يقوم بإدخال سيارات تحمل أموالًا سورية بفئة الـ 2000 ليرة السورية من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة (هيئة تحرير الشام) عبر معبر العيس والمنصورة في ريف حلب، ويشرف على توزيعها على محال الصرافة في سرمدا مقابل سحب الدولار”، لافتًا إلى “أن جميع محال الصرافة مجبرة على أخذ فئة الـ 2000 مقابل الدولار نتيجة التعميم الذي وصلهم، ويحمل لهجة تهديد وفرض عقوبات على كل من يعترض ويرفض التعامل بها”.

ولفت المصدر إلى “أن الزربة هو المسؤول عن إرسال عملة الدولار إلى مناطق النظام عبر المعابر التي ذُكرت سابقًا، بعد سحبها من محال الصرافة نتيجة شرائهم فئة الـ 2000 ليرة السورية”، مؤكدًا أن “الزربة يحقق أرباحًا كبيرة من خلال تلك التجارة إذ أنه يشتري فئة الـ 2000 ليرة السورية من عند محال الصرافة بـ 3 دولار على سبيل مثال، ويرسل قيمتها للنظام دولار ونصف فقط كون قيمتها لا تساوي كلفة الورق التي تم طباعتها به”.

العملة السورية بلا قيمة وانهيار في اقتصاد النظام:

الدكتور عبد الحكيم المصري، وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، يقول لـ (جيرون): “إن العملة السورية باتت غير مقبولة دوليًا، ولها تأثيرات محدودة على اقتصاد النظام كونه منهار منذ سنوات عدّة، وقد يكون هذا الأمر سلاحًا تستطيع مناطق الشمال السوري من خلاله محاربة النظام، وأن يتسببوا باضطرابات اقتصادية له على غرار تلك التي واجهته مؤحرًا بسبب الأزمة الحاصلة في لبنان والعراق”.

وتابع: “كشفت موازنة النظام الاقتصادية لعام 2020 عجزًا بنسبة 1.5 ترليون ليرة سورية من أصل القيمة الإجمالية للموازنة، والبالغة 4 ترليون، أي بنسبة 37.5 بالمئة، بالإضافة إلى إقرار (قانون سيزر) مؤخرًا من قبل الكونغرس الأمريكي، الذي سيتسبب بحدوث اضطرابات كبيرة في اقتصاد النظام”.

وحول الشائعات المتداولة محليًا بخصوص فئة الـ 2000 ليرة السورية وخلوها من الرصيد عالميًا، أكد المصري “أن فئة 2000 ليرة سورية من العملة النقدية ليست وحدها من دون رصيد عالمي، بل جميع العملات خالية من الرصيد لعدم امتلاك النظام ناتج محلي، خصوصًا بعد الخسائر التي لحقت به خلال سنوات الثورة وقد وصلت إلى نحو 350 مليار دولار، بالإضافة إلى تراكم الديون الخارجية التي وصلت قيمتها لأكثر من 200 مليون دولار، وهذه العوامل كلها تؤكد أن الليرة السورية من دون أي قيمة وغير مقبولة عالميًا لعدم وجود صادرات من مناطق النظام إلى الخارج”.

لفت المصري في حديثه إلى “أن النظام يواجه خللًا في العملة السورية على اعتبار أن فئة الـ 50 ليرة سورية ليست متوفرة في الأسواق، وفئة الـ 100 لير سورية متوفرة بشكل نادر، وبالتالي ضخ فئة الـ 2000 ليرة السورية بشكل كبير يشير إلى وجود عجز بالنظام الاقتصادي، وهذا ما يطلق عليه التمويل بالعجز من قبل البنك المركزي، لذا جميع العملات النقدية السورية المطبوعة هي بذات القيمة سواء كانت 2000 أو 1000 أو 500 ليرة سورية، وهذا ما دفع النظام إلى طباعة فئة الـ 2000 وطرحها في الأسواق بشكل كبير لاسيما في المناطق الخارجة عن سيطرته، لسحب العملة الأجنبية مقابل تلك الفئة التي لا تساوي قيمتها قيمة الورق المطبوع”.

أشار المصري إلى أن “وجود فئة الـ 2000 ليرة السورية بكثافة وبأرقام تسلسلية غير محدودة، أثارت مخاوف المواطنين من أن تكون مزورة، وهذا ما دفعهم إلى مقاطعتها في محاولة للتخلص منها وتجنب الخسائر التي قد تواجههم، واعتقد أن المقاطعة يجب أن تشمل باقي الفئات النقدية، وأن يقتصر تعاملنا بفئة الـ 200 إلى 500 ليرة سورية”، لافتًا إلى أن “لدى أهالي الشمال السوري مقومات تساعدهم في إلغاء التعامل بالليرة السورية واستبدالها بالنقود الأجنبية سواء كانت (الدولار، أو الليرة التركية) بسبب انتشار العملة الأجنبية في مناطقهم، مع وجود عقبة صغيرة وهي حاجتهم إلى قطع نقدية صغير بفئة الـ 5-10-15 دولار أو الليرات التركية من أجل التعاملات اليومية، وتأمين أسواق للمزارعين لتصريف منتجاتهم بالعملة الأجنبية عوضًا عن تصريفها إلى مناطق النظام”.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق