تزامنًا مع حملة التصعيد الجوي، على منطقة ريف معرة النعمان، التي ترافقت مع إطلاق روسيا عملًا عسكريًا على المنطقة، أطلق أهالي مدينة سلقين شماليّ إدلب مبادرة باسم (أهل الخير) للتخفيف عن النازحين من ريف معرة النعمان باتجاه الشمال عند الحدود السورية التركية، حيث يبيت معظمهم في العراء.
الدكتور وجدي زيدو، أحد أعضاء المبادة يقول لـ (جيرون): “أطلقنا هذه المبادرة، بداية هذا الأسبوع، بهدف مساعدة أهلنا الوافدين من منطقة معرة النعمان والقرى التي شهدت تصعيدًا جويًا من طائرات روسيا والنظام، ولاقت المبادرة تفاعلًا كبيرًا من أهالي المدينة، بعضهم تبرّع بالمال، وبعضهم الآخر قدّم منازل غير مجهزة، لتأمين مأوى للمدنيين المشردين على الطرقات”.
وتابع: “نعمل على إيواء أكبر عدد ممكن من النازحين، من خلال تجهيز المنازل بشبكة صرف صحي ومستلزمات الحمام ونوافذ وأبواب خارجية، مع تأمين خزان مياه (1500 ليتر) لكل منزل، إضافة إلى توزيع سلال إغاثية وفرش ومبالغ مالية مقدّمة من جمعيات إنسانية عاملة في المدينة”، مبينًا أن “أعداد العائلات المستفيدة من المنازل بلغت نحو 230 عائلة، فيما لا يزال هنالك أكثر من 250 عائلة من دون مأوى”. وأضاف: “بدعم من جمعيتي (المنال) و(الخيرات)، نعمل على تجهيز مركز للإيواء في مدينة سلقين، تبلغ مساحته نحو 800 متر، ويتسع لنحو 300 شخص على الأقل، ونقوم بتركيب شبكات صرف صحي، وتقديم فرش ومدافئ وخطوط كهرباء ومواد غذائية”.
أشار زيدو إلى أن “هنالك صعوبات تواجههم في إيجاد المنازل، بسبب الاكتظاظ السكّاني في المدينة، حيث إن أعداد سكّان المدينة الأصليين لا يتجاوز 60 ألف نسمة، بينما يوجد في المدينة حاليًا أكثر من 200 ألف نسمة، من مختلف المحافظات السورية، وعلى الرغم من هذا يسعى فريق المبادرة بالعمل قدر المستطاع لتأمين منازل للأهالي، تقيهم برد الشتاء القارس”.
من جهة أخرى، قال عبد الرحمن الحسين (نازح من منطقة ريف معرة النعمان الشرقي إلى مدينة سلقين) لـ (جيرون): “نجد صعوبة في إيجاد منازل للإيجار حاليًا، سواء كانت مجهزة أم غير مجهزة، على الرغم من أننا لا نستطيع دفع الإيجار الشهري، في ظل هذه الظروف العصبة، لا سيّما أن قسمًا كبيرًا منا خرج بلا أي متاع، هربًا من القصف الذي شهدته المنطقة”. وتابع: “حين وصلنا إلى مدينة سلقين، سمعت بالمبادرة، وتواصلتُ مع العاملين فيها، وأعطوني منزلًا لأقيم فيه مع عائلتي، ولولا ذلك لبقينا من دون مأوى، كحال عشرات العائلات التي تفترش الطرقات”.
من جانب آخر، يرى الناشط محمد دندش (من مدينة سلقين) أن “المبادرات الفردية لمساعدة النازحين كان حجمها أكبر من عمل المنظمات والهيئات الإنسانية، لا سيّما أن أعداد النازحين في الآونة الأخيرة بلغت أكثر من 200 ألف نسمة، من منطقة معرة النعمان والقرى المحيطة بها، وتحتاج هذه الموجة إلى استنفار المنظمات الدولية كافة لتأمين احتياجات النازحين الأساسية، وتأمين مراكز لإيواء الأهالي الذين لا يجدون حتى خيمة تقيهم من أمطار الشتاء”.
وأضاف: “على الرغم من تسليط الضوء على معاناة المدنيين في معرة النعمان، من جراء قصف النظام وروسيا، ومشاهد العائلات النازحة والمشردة بلا مأوى، فإن معظم المنظمات تقاعست عن الاستجابة والمساعدة”، مؤكدًا أن “المبادرات الفردية وحدها لا تسد الحاجة، وعدم دعم المنظمات الإنسانية الكبيرة سوف يؤدي إلى كارثة إنسانية في المرحلة المقبلة”.
وسبق أن أصدر فريق (منسقو الاستجابة في الشمال السوري) بيانًا، وثق فيه نزوح 216 ألف نسمة، من المدنيين في منطقة معرة النعمان وريفها الشرقي، منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 26 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، من جرّاء حملة التصعيد الجوي على المنطقة، وسيطرة النظام على أجزاء واسعة من ريف معرة النعمان الشرقي.