تواصل روسيا ممارساتها الإجرامية بحق الشعب الشعب السوري، خاصة في محافظة إدلب، حيث لم تقتصر ممارساتها على استخدام العنف العسكري وقصف المدنيين وتهجيرهم من منازلهم، بل استخدمت مع الصين، الجمعة الفائتة، حق النقض (الفيتو)، لمنع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإدخال المساعدات الإنسانية، عبر نقاط حدودية من تركيا، إلى 4 مليون سوري في إدلب.
وجاء استخدام كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) بشأن تمديد المساعدات الإنسانية إلى إدلب، بعد أن قدّمت بلجيكا والكويت وألمانيا، في كانون الأول/ ديسمبر العام الفائت، مشروع قانون إلى مجلس الأمن، يسمح بتمديد مساعدات من الأمم المتحدة عبر نقاط حدودية، إلى أربعة مليون سوري مدة عام.
ويُشكل (الفيتو) الروسي – الصيني، كارثة إنسانية بحق السوريين في إدلب، ولا سيّما للقاطنين في مخيمات النزوح على الحدود السورية التركية، وقد بلغ عددهم خلال عام 2019، بحسب (منسقو الاستجابة في الشمال السوري) أكثر من 1.294.558 نسمة، أي 28.8 بالمئة من السكان، كانوا قد نزحوا خلال العام الماضي.
وفي هذا الشأن، أصدر (منسقو الاستجابة في الشمال السوري) بيانًا، أمس الأحد، موجهًا إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، جاء فيه أن “عمليات النزوح تزامنت مع تدمير واسع النطاق في المنشآت والبنى التحتية، خلال الحملات العسكرية المتعاقبة على محافظة إدلب، وقد وصل عدد المنشآت المستهدفة خلال العام 2019 إلى أكثر من 526 منشأة، من ضمنها مدارس ومشاف وأسواق شعبية ومراكز خدمية ومراكز إيواء للنازحين، وبذلك ازداد عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، في مناطق شمال غرب سورية، ووصل العدد إلى أكثر من 3.89 مليون مدني، من أصل 4 مليون يعيشون في إدلب”.
وأشار البيان إلى أن “العقبات التي تضعها روسيا في طريق المساعدات الإنسانية المقدمة إلى المدنيين، ستتسبب في تضخيم معاناتهم وحرمانهم من احتياجاتهم الأساسية، ما يتطلب القيام بإجراءات تضمن إيصال المساعدات إلى الفئات الأشد احتياجًا لها، وعدم استهداف أو مضايقة فرق الإغاثة الإنسانية أثناء قيامها بأعمالها، الأمر الذي قد يتسبب في مجاعة شمال غرب سورية”، مؤكدًا أن “آلاف الأطفال والنساء يعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة، ويعاني غالبيتهم، وبخاصة الأطفال، حالة هزال وجوع شديدة في المنطقة شبه المحاصرة”.
وفي ذلك الشأن، قال محمد حلّاج، مدير منسقو الاستجابة، لـ (جيرون): “إن روسيا استخدمت منذ عام 2011 حتى اليوم أكثر من 14 (فيتو)، كان آخرها على تمديد قرار 2165/2014 لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود”.
وفي ما يخص محافظة إدلب، أشار حلّاج إلى أن “فريق الاستجابة أصدر إحصائية عن أعداد السكّان فيها، وعددهم 4.350.000 نسمة تقريبًا، معظمهم كان يستفيد من المساعدات الإنسانية عبر الحدود، ضمن برامج منتظمة وبرامج الطوارئ، خلال العام الفائت، وسينتهي القرار في 10 كانون الثاني/ يناير الجاري”.
وأكد حلاج أن “المساعدات الإنسانية كانت تدخل عن طريق برنامج الأغذية العالمي WFP للمخيمات وبعض المناطق”، وأن “توقف قرار إدخال المساعدات سوف يؤدي إلى ارتفاع أعداد المحتاجين في المنطقة، وينتج عنه كارثة إنسانية كبيرة، كحالات المجاعة في بعض المناطق، خاصة المخيمات التي تضم أعداد هائلة من المدنيين، وجلّهم من النساء والأطفال الذين ليس لديهم قدرة على تأمين الدخل، وأيضًا هناك مخاوف، في حال تم إدخال المساعدات بدون موافقة مجلس الأمن عبر الحدود، فمن الممكن أن يتم استهداف تلك القوافل بشكل مباشر”.
وتابع حلّاج: “إذا لم يُمدد القرار ولم تُتخذ إجراءات جديدة؛ فسوف ينتج عن ذلك مشكلات كبيرة، أهمها انقطاع مادة الخبز، وتوسع العمليات العسكرية في المنطقة، وازدياد موجات نزوح، وسيكون هناك عجز في تأمين المأوى، لأن كل ما يدخل إلى إدلب حتى الخيام هو ضمن برنامج الغذاء العالمي”.
يخشى (حلّاج) أن يتم إدخال المساعدات عن طريق النظام، بوساطة (الهلال الأحمر السوري) غير المرغوب فيه من قبل مدنيي المنطقة، خصوصًا أن النظام سوف يتحكم في كمية المساعدات، ويسرق معظمها قبل دخولها إلى إدلب، مشيرًا إلى أن “المساعدات الإنسانية في العام الماضي كانت غير كافية، وهناك عجز في خطة الاستجابة، إلا أنها كانت تدخل بشكل دوري على المنطقة، وفي حال أصبح دخولها عن طريق النظام، فسوف ينتج في المنطقة مشكلات كبيرة، أهمّها ارتفاع نسبة البطالة، وازدياد حالات الانفلات الأمني كعمليات السرقة، لعدم توفر فرص العمل في المنطقة، إضافة إلى ارتفاع في أسعار السلع الغذائية، وعجز المدنيين عن شراء ما يحتاجون إليه حتى المواد الأساسية”.
وكانت حصيلة قتلى غارات النظام وروسيا، يوم أمس الأحد، على مدينة أريحا جنوبيّ إدلب، قد ارتفعت إلى 14 مدنيًا، وإصابة نحو 24 آخرين، جلّهم في حالات خطرة، إضافة إلى استهداف طائرات روسيا عددًا من مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي، وتسببها في إصابة العشرات من المدنيين.