تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

المعارضة أمام خيارات محدودة تجاه التصعيد العسكري في إدلب وحلب

على الرغم من المباحثات التي أجرتها الأطراف المختلفة، للوصول إلى وقف الهجمات الروسية على محافظة إدلب، فإن آلة الحرب الروسية مستمرة في حصد أرواح المدنيين السوريين في المحافظة التي تُعدّ المعقل الأبرز الباقي خارج إطار سيطرة الأسد، وتحتضن ما تبقى من فصائل المعارضة المسلحة.

ويبدو أن الأسابيع المقبلة ستشهد تصعيدًا غير مسبوق، بعد محاولات مكثفة للعودة إلى وقف إطلاق النار، لم تحقق أي نتيجة في نهاية المطاف. وكانت المؤشرات في الأيام الماضية تؤكد وصول المباحثات التركية – الروسية، حول إدلب إلى طريق مسدود، مما يعزز احتمالية العودة إلى التصعيد الميداني من جديد.

ويبدو أن الفشل كان حليف اللقاءات التي أجراها وفدٌ تركي مع المسؤولين الروس في موسكو، مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، والتي ناقشت -في قسم كبير منها- وقف إطلاق النار في إدلب، بالتزامن مع تصعيد الأوضاع في ليبيا.

وإزاء الوضع المتأزم في إدلب، يظهر أن الخيارات محدودة أمام المعارضة السورية، خصوصًا مع استمرار هجمات النظام وروسيا. وتزامنًا مع التصريحات التركية العلنية والضمنية التي أفادت بأن على المعارضة السورية أن تحمي نفسها وسكان إدلب.

لقاء “المواجهة

نقل موقع (تلفزيون سوريا) يوم الجمعة، عن مصادر لم يسمّها، أن تركيا عقدت لقاءً طارئًا في العاصمة أنقرة، مع وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، إضافة إلى قادة الفيالق وفصائل “الجبهة الوطنية للتحرير”، التابعين للجيش الوطني السوري.

وأفاد المصدر المطلع على تفاصيل الاجتماع أن اللقاء ترأسه من الجانب التركي رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان، كما حضره المسؤولون عن الملف السوري. فيما شارك الرئيس رجب طيب أردوغان في جانب من الاجتماع، عبر اتصال مرئي، وقال للفصائل: “تجهزوا للمعركة الكبرى”.

وأبلغ الجانب التركي قيادات فصائل “الجيش الوطني” أن المباحثات مع روسيا لم تحقق نتيجة، وأن الأخيرة ماضية في الحل العسكري، وبذلك يجب على فصائل المعارضة السورية أن تدافع عن نفسها في وجه الحملة التي تتعرض لها. وأشار الجانب التركي إلى أنه سيزيد الدعم المقدم للجيش الوطني، لمواجهة قوات النظام وروسيا.

خيارات ضيقة

حول الخيارات المتاحة للسوريين والمعارضة بالتحديد، تبدو الأمور ضيقة، إذ يرى أحمد حمادة، الضابط المنشق عن النظام والخبير العسكري، أن “لا خيار بديلًا عن الصمود والمواجهة”، وأن الروس والنظام “يرتكبون حرب إبادة وتهجير، لذلك الخيار الوحيد، في ظل انعدام الحل السياسي اليوم، هو الصمود”، وأضاف لـ (جيرون): “الروس والنظام لم ينفذوا الهدنة، وهم لا يؤمنون بالحل السياسي، فهم يعتمدون الحل الأمني وينفذونه تدريجيًا، ويتذرعون بذرائع شتى”.

الدكتور نذير الحكيم يتفق مع حمادة، في محدودية الخيار، ويقول: إن “الخيارات محدودة أمام المعارضة في مثل تلك الظروف، وهي ستقتصر على الدفاع عن مواقعها دفاعا تأخيريًا”.

وحول استراتيجية المعارضة العسكرية الأفضل في المرحلة المقبلة، يشدد الحكيم “على ضرورة الاقتصاد في استهلاك الذخيرة، والاعتماد على القنص والدفاع بعمق عن تلك المناطق، والمناورة السريعة بالنار والحركة ومعرفة مسلك الشوارع والأزقة ومفترقات الطرق بأقل عدد من العناصر وتغطيتها ناريًا”.

ولمواجهة تقدم قوات النظام وإرباك تحركاتها، نبّه الحكيم إلى أهمية “تفعيل الكمائن والكمائن المضادة للدبابات والإغارات الليلية على مواقع النظام، واستدراجها لمناطق القتال، وأيضًا بناء جهاز نيران يغطي أحياءهم للتصدي لمحاولات الخرق وتكبيد القوات خسائر فادحة”.

وفي مقابل الوضع الميداني المتأزم، يبدو أن الوضع السياسي ليس أفضل حالًا، فالهيئات السياسية المعارضة تدعو أيضًا إلى الاستعداد للمعركة “الحاسمة”. حيث أشاد رئيس الائتلاف الوطني أنس العبدة، في اجتماع عقد الخميس، “بنجاح قوات الجيش الوطني في التصدي لقوات النظام والميليشيات الإيرانية الطائفية على جبهات إدلب وريف حلب”. وأكد استعداد الثوار لإحباط أي محاولة للتقدم وحماية المناطق المحررة والمحافظة عليها، وذلك في ظل عجز المجتمع الدولي عن إجبار النظام ورعاته على تحقيق وقف إطلاق النار الشامل.

فيما أوضح رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، في اللقاء الذي حضره العبدة ورئيس هيئة التفاوض نصر الحريري، أن تحديات الحكومة تزداد مع ازدياد أعداد النازحين القادمين من إدلب وريفي حلب الغربي والجنوبي، وأشار إلى الصعوبات التي تحتاج إلى تدخّل إنساني أكبر من طرف الأمم المتحدة، وإلى تعاون فعال بينها وبين الشركاء على الأرض، وشدد على ضرورة تقوية عمل المجالس المحلية، لتتمكن من تقديم الاحتياجات الأساسية للنازحين.

آفاق الحل السياسي

ولدعم الموقع الميداني، ناقش المجتمعون في الهيئات السياسية تطورات الملف السياسي، والزيارة التي سيجريها المبعوث الأممي، غير بيدرسون، إلى موسكو لبحث جدول أعمال اللجنة الدستورية السورية.

وتحدث الحريري في الاجتماع عن وجود تحرك دولي لعقد جولة جديدة للجنة الدستورية، وأشار إلى خفض سقف التوقعات، نتيجة عدم وجود رغبة حقيقية لدى روسيا في التقدم بالعملية السياسية، وتعويلها على العمليات العسكرية الدموية.

وحول دور الائتلاف والقوى السياسية، يقول الدكتور نذير الحكيم: إن ذلك الدور “يتمثل بقراءة المشهد السياسي وإعادة بناء المعادلات، للوصول إلى بلد يتبنى سيادة الشعب، وهو الخيار السلمي الواضح للتغير وعدم الانجرار إلى معارك يريدها النظام أو الحلفاء”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق