أطلق الباحثون والمختصون والسياسيون المشاركون في الندوة الحوارية الموسّعة، حول “تجارب سورية الدستورية” التي عقدها مركز حرمون للدراسات المعاصرة في برلين يومي 25 و26 كانون الثاني/ يناير الجاري، نداءً بعنوان “نداء للإفراج عن المعتقلين في سورية“، دعوا فيه إلى رفع الصوت عاليًا، طالما أن هناك معتقلًا واحدًا في سجون النظام السوري أو في سجون الميليشيات المسلّحة الجهادية.
وفيما يلي نص النداء:
“شهدت سورية عمليات اعتقال واختطاف وقتل، منذ نحو تسع سنوات حتى الآن، لم يشهد التاريخ مثيلًا لها، سواء من حيث الأعداد الهائلة للمعتقلين الذين تكتظّ بهم معتقلات وزنازين النظام، كما تكتظ بها زنازين الميليشيات المسلحة والجهادية، أو من حيث حجم الآلام الهائلة التي يعانيها المعتقلون، نتيجة الاحتجاز الطويل في ظروف شديدة القسوة، ذهب ضحيتها حتى الآن عشرات الآلاف قتلًا تحت التعذيب، فضلًا عن معاناة ذويهم الذين يعيشون في قلق وخوف دائم، لعدم تمكنهم من معرفة مصير أبنائهم، وتعرضهم لعمليات ابتزاز واحتيال واسعة، أدّت إلى إفقارهم بعد أن اضطروا إلى بيع ما يملكونه لأجل إطلاق سراح معتقليهم أو مخطوفيهم، وأحيانًا من أجل الاطمئنان عليهم، وما زالوا يبحثون عن أمل يطمئنهم عن أبنائهم المختفين قسرًا.
إنها معاناة هائلة ومأساة كبيرة تجري أمامنا، من دون أن نتمكن من وضع حد لها أو التخفيف من آلامها، حيث يواجه المعتقلون سجّانين لا يعرفون الرحمة، يتفننون كل يوم بتعذيبهم بقسوة، حتى بات الموتُ أمنية يتمناها كلّ معتقل، في كل لحظة وحين، للخلاص من معاناته.
إن تغييب ملف المعتقلين والمفقودين الذي أكدت القرارات الأممية ومنها القرار 2254 أنه مدخل لإجراءات بناء الثقة، قبل أي حوار أو تفاوض، سيُلحق أفدح الأضرار بأي تسوية سياسية للقضية السورية قد تحصل في المستقبل؛ ما لم يكن هناك عملٌ جدي لإيجاد حلٍ سريع لملف المعتقلين، إضافة إلى عودة المهجرين، وإلغاء أحكام ما يسمّى زورًا “محكمة الإرهاب”، وإلغاء أحكامها والأحكام الأخرى التي صدرت على خلفيات الصراع الدائر في سورية منذ 2011، وأن تكون هذه العملية شرطًا لإنجاز أي اتفاق يفضي إلى حلّ سياسي حقيقي للقضية السورية.
إن أيّ حلّ للقضية السورية لا يأخذ في الاعتبار ملفّ المعتقلين والمفقودين وتحقيق عملية انتقال سياسي جدّية تفضي إلى زوال الاستبداد وقيام دولة ديمقراطية وعودة المهجرين وإعادة الإعمار المادي والمجتمعي، هو كمن يُبقي الجمر تحت الرماد، لأن من المعروف أن نظام الأسد لن يسمح بإجراء أي تغيير حقيقي في طبيعة نظام الحكم في سورية، وهو منذ اليوم الأول لانطلاق التظاهرات الشعبية ضده، في آذار/ مارس 2011، يرفع شعار “الأسد أو نحرق البلد”، وشهدنا تطبيق هذا الشعار المدمّر والقاتل على مدى السنوات منذ 2011، وهو الذي لم يوفر أي جهد في تدمير الحجر والبشر، واستجلاب التدخلات الدولية من كل حدب وصوب، رفضًا لأي تغيير أو إصلاح، كي يحتفظ بكرسي حكم آل إليه بغير حق.
ندعو جميع أحرار سورية إلى رفع أصواتهم، طالما أن هناك معتقلًا واحدًا، سواء في سجون وزنازين الأسد أو في سجون الميليشيات المسلحة والجهادية.
وإن الواجب الأدنى الذي يمكن فعله هو أن نضع هذا النداء على صفحاتنا على وسائل التواصل، إعرابًا عن مطالبتنا بإطلاق سراح المعتقلين”.
وكان قد شارك في الندوة أكثر من 24 باحثًا ومختصًا وحقوقيًا وإعلاميًا وسياسيًا سوريًا، وحضرها عدد كبير من المتابعين والمهتمين من السوريين في ألمانيا وجوارها.